حنان الخلفان




إذا وجدت نفسك في منزلة شخصية منخفضة لا تتيح لك فرصة لتتذكر جذب الاهتمام والانتباه، فاستخدام المكائد الفعالة هو أن تهاجم أكثر فئة تجدهم بروزاً للعيان، فعندما أراد بيترو آريتينوا الخادم الروماني الشاب في القرن السادس عشر أن يجذب الانتباه كناظم للأشعار، وقرر أن ينشر قصائد ساخرة يتهكم فيها على البابا وعاطفته تجاه فيل مدلل، فأدى وضعه إلى توجيه الأضواء كلها نحوه على الفور، فهي دائماً خطة ناجحة إلا أن تكرارها سيكشف خططك أمام الجميع. وعندما تصبح في دائرة الضوء بأسلوب استفزازي والظهور بفيديو ساخر في مواقع التواصل الاجتماعي ستضع نفسك في موقف لا تُحسد عليه، أي كتحصيل حاصل، وسوف تنتهي مسرحيتك سريعاً وينتقل الاهتمام إلى نجم جديد أو مهرج آخر، فالغالبية العظمى ستتجه إلى موضوع «ترند» جديد بعيد عن دائرتك الوهمية الخاطئة.


فهناك بعض الأفراد يتشوقون إلى الشخصيات الساخرة أو المهرجين ويبرزونهم أعلى من المعدل الطبيعي من خلال نشر الفيديوهات أو إعادة إرسالها فقط لإثارة الجدل وزرع الفتن والخلاف، فمن صفات رجل الاستعراضات أنه يعشق التفرد عن الآخرين ويلفت الأنظار وليجذب الجماهير الغفيرة الذين هم على شاكلته للدفاع عنه، فليس هناك أبعد عن الحقيقة من ذلك.. فلا تتصور أنك ذكي ولك القدرة على ممارسة التصرفات الغريبة بأحذق الطرق، فنحن في بلد القانون والحكمة والعدل، وكمجتمع بحريني نرفض أن تنشق الصفوف بيننا، فالشعب الواعي الذكي لا يمكن استدراجه كمغفل بسهولة ونرى أن هذه الشخصيات لا تمثلُ إلا صلب سلوكهم الفردي، فاحترام المركز الاجتماعي والمهني والشخصي حتى بعد التقاعد يعُد فترة انتقالية تتطلب تعديلات، فلا تقضِ وقت فراغك بتضييعه على الناس، بل اكتشف هواياتك الإيجابية أو انضم إلى الصالات الرياضية أو ساهم في الأعمال التطوعية أو القيام بأعمال تجارية لزيادة الدخل. وفي الختام ألا تعلم أنك تزيد الوضع سوءاً عندما تقدم الحجج الواهية وتنكر الحقيقة عندما تُضبط متلبساً بغلطة فإننا نعكُر المياه ونجعل الوضع أسوأ، فمن العقل والحكمة ألا توجه الأمور في الاتجاه المعاكس والخاطئ، فكثيراً ما كان كاتب النهضة بييترو آريتينوا يتفاخر بأصله الأرستقراطي الذي كان بالطبع خيالاً، لأنه كان في الحقيقة ابن إسكافي وانكشفت حيلته من قِبَل أحد أعدائه ليفتضح أمره في مدينته، ولو حاول أن يدافع عن نفسه، لما زاد على إنزال نفسه إلى الحضيض حتى اعترف بكذبته وأعلن أنه بالفعل ابن إسكافي، ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد يذكر كذبته السابقة وراح بدلاً من ذلك يفتخر بنفسه على موقفه الجديد من قضية أصله العائلي.