* صلة رحم وقرقيعان وترفيه بالمحيبس

الأحواز - نهال محمد

يستقبل أهل الأحواز العربية الشهر التاسع من العام الهجري القمري قادماً عزيزاً يهيئون به أنفسهم ليدخلوا في ضيافة الله سبحانه وتعالى لتزكية ما أعطاهم سبحانه مستغفرين له تقرباً وطاعة وشكراً بأيدٍ زكية وخالية من دنس الدنيا مليئة بالإيمان بالآخرة. ولهذا الشهر مكانة مرموقة لا تعادلها مكانة في فضائله حيث فُضّل على جميع الشهور وفيه ليلة القدر ولها مالها من الاهتمامات الدينية العظيمة في هذا الشهر الذي جعل الله عز وجل الصيام به فريضةً على المسلمين والمؤمنين في العالم أجمع حتى الأراضي المحتلة ومنها تلك التي تعيش في الحروب والدمار.



يستعد الناس في الأحواز لاستقبال هذا الشهر الفضيل، حيث هناك خصائص اجتماعية وثقافية تشترك فيها الشعوب العربية والإسلامية تقديراً لموقع هذا الشهر وإحياءً للسنن التي سنها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، وكذلك يأتي رمضان ويكون ساحةً يسعى بها العرب في الأحواز أن يبرزوا تمسكهم بعروبتهم وهويتهم واللون الخاص من التراث والتقاليد التي توافق المجتمع وترافقه على مر العصور والسنين، بعيداً عن الاندثار والطمس والتغيّر الثقافي والحضاري والتراثي الذي حذف في بعض البلدان العربية.

هنالك عدة أوجه شبهٍ بين رمضان الأحواز والدول العربية خاصةً الدول المطلة على الخليج العربي، منها السعودية والبحرين والكويت والإمارات العربية وغيرها، وأوجه الشبه هذه تأتي ضمن عادات وتقاليد وعبادات رمضان المبارك والتي سنتناولها ونشرح عنها وعن التمسك بها في هذا التقرير.

1. صلة الأرحام والعزائم: يقوم الأحوازيون في رمضان بتجنب كل الخلافات والكلام الذي مر طوال العام الكامل ويتآخون في رمضان ويدعون بعضهم البعض على موائد الإفطار، وتقوم العائلة بالاجتماع في أحد البيوت كل ليلة لأجل تبادل الذكريات القديمة والأخذ والعطاء في مجالات السياسة والاقتصاد.

2. المحيبس: يجتمع الشباب الأحوازي كل ليلة بعد الإفطار في المنتزهات أو الأماكن العامة ليلعبوا لعبة المحيبس وهي لعبة تراثية مشتركة بين الأحواز ودول الخليج العربي يلعب فيها فريقان يخبئ فريقٌ منهم الخاتم ويسعى الثاني لإيجاده وأخذه وتخبئته مرةً أخرى وهكذا هلم جراً حتى يفوز أحد منهم.

3. القرقيعان: ويكون في الخامس عشر من رمضان وهو يوم تراثي يحتفل به الأحوازيين ويجعلونه ضمن أعياد الأطفال التي تكثر في الخليج أيضاً، وفي القرقيعان يمضي الأطفال يقرعون الأبواب ويأخذون حلوى عيدهم والعيدية المادية من كل بيت.

4. التجمعات الشبابية: يتجمع الشباب الأحوازي في شهر رمضان دائماً في ما بينهم للاتحاد ولم الشمل والأخذ والعطاء مع كل شرائح المجتمع العربي الأحوازي لأخذ أطراف الحديث والحوار والدخول في البحوث السياسية والاجتماعية والعلمية في سبيل توعية وتثقيف الجيل الجديد وإبقاء الوعي حياً في الأحواز بين الأحوازيين غير مشوش ومخدوش.

كل هذا وأكثر بكثير يمكن إيجاده في الأحواز العربية، وما هذا إلا القليل من ضمن الكثير الذي يحمله هذا الشعب العربي منذ بدئه العيش في هذه الأرض حتى الآن، وذلك ما يجعل المجتمع الأحوازي عربياً خالصاً يكاد لا ينفك عن المجتمعات العربية بشيء رغم الاحتلال والاضطهاد، لأن الشعب لا يتخلى عن جذوره والأرض تتكلم العربية وستبقى عربيةً لو كره كل عدوٍ وحاسد.