سكاي نيوز عربية


قبل حوالي 3 أعوام، ورد اتصال استغاثة من فتاة أمريكية عمرها 17 عاما، لتحضر الشرطة في الحال وتقتحم منزل عائلتها وتكتشف أبناء وبنات يعيشون حياة مزرية وصادمة، ليتم القبض على الوالدين وتحويلهما للمحكمة، وتصبح قضيتهما إحدى أشهر قضايا عنف الوالدين والتي عُرفت باسم "قضية عائلة توربين".

تم الحكم على الوالدين بالسجن المؤبد بعد سلسلة جلسات تم الاستماع فيها لشهادات مريعة من الأطفال. لكن، أين هم هؤلاء الأبناء والبنات الآن؟

استقلال واستعادة حياة


حينما اقتحمت الشرطة منزل عائلة توربين، كان الأبناء في حالة صحية يرثى لها. جميع الأبناء والبنات لم يذهبوا لأي مستشفى أو رعاية صحية لسنوات طويلة، كانوا شاحبين، وبعض الجيران الذين كانوا يرونهم نادراً كانوا يسمونهم بعائلة (مصاصي الدماء) لنحفهم الشديد وشحوبهم.

لذلك، حينما وصلت الشرطة إليهم وقبضت على الوالدين، تم أخذ جميع الأبناء والبنات إلى المستشفى، حيث قضوا هناك أسابيع في رعاية طبية حتى يستعيدوا عافيتهم. وذكر بعدها محاميهم أنهم جميعاً أصبحوا أصحاء وبحالة جيدة.

حسب تصريح المدعي العام، فإن 6 من هؤلاء الأبناء الثلاثة عشر كانوا قًصر، لذلك تم وضعهم في دارين لرعاية الأطفال، ثم تم تبنيهم جميعهم من عوائل مختلفة، وهم الآن يذهبون إلى المدارس ولديهم أصدقاء وحياة اجتماعية.

صور


كان الأبناء في حالة صحية يرثى لها

أما السبعة الكبار، فقد تمت رعايتهم ومساعدتهم من قبل الدولة، وشيئاً فشيئاً اندمجوا مع الحياة العامة، وكل واحد منهم الآن أصبح مستقلاً بنفسه، أغلبهم التحق بالتعليم وتفوق فيه رغم ابتعادهم لسنوات طويلة عن التعليم النظامي حينما كانوا مضطهدين بين والديهم، وأغلبهم تمكنوا من الالتحاق بالجامعة، بعضهم يعمل الآن ولديه دخل مستقل.

أحد الأبناء قال إنه تعلم قيادة الدراجة، ومنذ ذلك الحين وهو يقود دراجته لأي مكان يريد، وذكر أنه يدرس هندسة البرمجيات في الجامعة، ويعيش في شقة قريبة، وأنه بعد حصوله على درجة البكالوريوس سيعمل ويتابع دراسته في نفس الوقت ليحصل على الماجستير.

ولكن الجروح النفسية لا تزال غائرة فيهم، حيث يقول أكبر الأبناء الذكور: "لا أستطيع وصف ما مررنا به، ولا تزال تأتيني الكوابيس حتى الآن، خصوصاً صور إخوتي الصغار وهم مقيدين بالسلاسل، ولكن هذا أصبح من الماضي الآن".

من هم عائلة توربين؟

الأب يدعى ديفيد، والأم لويس، يعيشون شرقي لوس أنجلوس، كان عمر الأب 57 عاماً والأم 50 عاماً حينما اقتحمت الشرطة منزلهم وعرف الناس عن جريمتهم.

القصة وصلت للشرطة حين هربت إحدى بناتهم في شهر يناير عام 2018، وعمرها 17 عاماً حينذاك، واتصلت بالشرطة، وقالت إن اخوانها وأخواتها يعيشون حالة مزرية في المنزل، وأنها لم تعد تحتمل ذلك، وأنه الآن في وقت اتصالها هناك اثنتين من أخواتها الصغار مربوطين بالسلاسل إلى أسرّتهم، صوتها كان مهزوزاً ومضطرباً، والشرطة اعتقدت من صوتها أنها فتاة في سن العاشرة.

اتجهت الشرطة على الفور إلى ذلك المنزل، وحينما دخلته وجدت أحد الأبناء مقيّد إلى سريره، واثنان يبدو أنهما قد كانا في القيد وتم فك قيودهما قبل قليل من وصول الشرطة، الجميع في بيئة مظلمة وقذرة، البيت كان يحوي 13 ابنا وابنة، 7 منهم بالغين، وأحدهم عمره سنتين وكان هو الوحيد المدلل فيما يبدو والذي لم يطله التعنيف.

صور


الأب يدعى ديفيد، والأم لويس

الأبناء كانوا قذرين للغاية، حيث تبين فيما بعد أنه يسمح لهم بالاستحمام تقريباً مرة واحدة في العام، وكانوا نحيلين وشاحبين، حيث اتضح أن الأبوين يقومان بتجويعهم، فيما كان الوالدين يأكلان جيداً، الابنة الكبرى والتي كانت تبلغ من العمر 29 عاماً كان وزنها 37 كيلوغراماً فقط، وابنة أخرى تبلغ من العمر 12 عاماً كان وزنها مثل وزن طفل في السابعة. كانوا يسمحون لهم بتناول الطعام مرة واحدة في اليوم.

الشرطة وجدت الكثير من القمامة والعلب الفارغة خلف المنزل، ومن ذلك علب لطعام حيوانات بالرغم من أن العائلة ليس لديها حيوانات، اتضح فيما بعد أن الوالدين كانا يجبران أبناءهم على تناول هذه الأطعمة.

بعض الجيران قالوا لوسائل الإعلام إنهم لم يكونوا يعلمون أصلاً أن هناك أطفالاً في هذا المنزل، وآخرون قالوا إنهم رأوا بعض الأطفال في الليل أحيانا. بعض الجيران قالوا إنهم رأوا الأطفال يبحثون عن الطعام في القمامة.

حياة منعزلة

حينما عًرفت قضيتهم، بدأت صور أكثر تظهر من ماضيهم، وتعطي المزيد من علامات الاستفهام عنهم.

هناك صورة لهم وهم في لاس فيغاس، الأب والأم وحولهم الأبناء الثلاثة عشر، الملفت للنظر أن البنات كن يرتدين نفس الفستان، والأولاد نفس البدلة، وشعورهم مقصوصة بشكل متطايق. كما أن أسماء جميع الأبناء والبنات تبدأ بحرف J، ولكن المحكمة لم تفصح عن أي اسم من هذه الأسماء لحماية حياتهم الشخصية. ولهم بعض الصور في ديزني لاند، ودوماً الكل يرتدي ملابس متطابقة.

الأخت الصغرى للأم قالت إنها لا تعرف شيئاً عنهم منذ ثمانية أعوام من اكتشاف الحادثة، قالت إنهم عائلة متدينة ومتشددة، وأن تربيتهم لأبنائهم صارمة، وكان الأبناء يستأذنونهم دائماً في كل شيء حتى في ذهابهم للحمام، وفي تناولهم للطعام، في حين قال أخو لويس أنه كان يعتقد أن لويس تعيش حياة مثالية.

حسب كلام أفراد من العائلة فإن الأب والأم انعزلا عن الجميع، ورفضا زيارة البعض لهم. وقالت إحدى أخوات الأم إنها كانت قلقة على صحة الأبناء، ولكنها رأت صورة جماعية لهم على "فيسبوك" وهم مجتمعين كعائلة فتوقعت أنهم يعيشون حياة جيدة.

الأبناء والبنات تحدثوا في المحاكمة

أثناء محاكمة الأب والأم والتي امتدت لأكثر من عام، تحدثت إحدى البنات قائلة: "الآن أنا أستعيد حياتي"، في إشارة لتحررها من سيطرة أبيها وأمها وقهرهم لها ولإخوتها.

وأكملت قائلة: "الآن أنا أعيش مستقلة ومعتمدة على نفسي، أدرس في الجامعة، ولدي أصدقاء أخرج معهم، لقد كانت حياتي صعبة، ولكنها جعلتني قوية"، ثم تتابع: "لقد رأيت كيف أبي غيّر شخصية أمي، وكانوا على وشك أن يغيّرون من شخصيتي".

أحد الأبناء قال إن ما مروا به لا يمكن وصفه، لكنه يحب والديه ويسامحهم على كل ما فعلوه.

كما قرؤوا رسالة من إحدى البنات التي قالت إنها تشكر والديها على تربيتها، مع أنها ترى أنها لم تكن التربية الأفضل، لكن هذه التربية جعلتها قوية ومؤمنة.

وفي رسالة أخرى من ابنتين، طلبتا أن تسمح لهما المحكمة بزيارة أمهم في السجن، وقالتا إنهما "يعلمان أن الأم كانت تحبهم جميعاً، وأنها كانت دائماً حائرة في تربيتهم، وأنها لم تكن ترغب في استخدام الحبال والسلاسل، ولكنها كانت قلقة من أن يتناول الأبناء الكثير من السكر والكافيين".

الأب والأم أنكرا تهمة اضطهادهما لأبنائهم، وقالا إنهما يحبونهم كثيراً، وأنهما واثقان من أن أبناءهم يبادلونهما هذا الحب، واعتذرا لهم لأي إساءة تمت، وقالا إنهما يحلمان باليوم الذي يعانقون فيه أبناءهم من جديد.

السجن المؤبد

بعد تلك المحاكمة التي استغرقت أكثر من عام، تم إثبات عدة تهم على الوالدين والحكم عليهم بالسجن المؤبد، مع تهمة إضافية على الأب أعطته مدة أطول، السجن المؤبد هنا يعني 25 عاماً، وتم وضع الأب في سجن كاليفورنيا المركزي، والأم في سجن للنساء في نفس المقاطعة.