أ ف ب


تضاعفت أعداد عمليات الاحتيال العاطفي عبر تطبيقات المواعدة، خلال جائحة كورونا ”كوفيد – 19″، بعدما دفعت تدابير الحجر المنزلي المتكررة بكثيرين إلى البحث عن الحب من خلف الشاشات.

وبلغت قيمة الأموال المنهوبة في عمليات الاحتيال مستوى قياسيا قدره 547 مليون دولار العام 2021، في هذا النوع من الحالات، بحسب تقديرات هيئة المنافسة الأمريكية (FTC)، في زيادة تقارب 80% خلال عام واحد، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.

وجرى الإبلاغ عن خسائر بنحو 1,3 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس الماضية، ما يجعلها أكبر فئة احتيالية سجلتها الوكالة الأمريكية.


لكن هذا ليس سوى غيض من فيض، وفق لجنة التجارة الفدرالية؛ لأن الغالبية العظمى من الانتهاكات لا يتم الإبلاغ عنها.

ووفقا للوكالة، يمكن تفسير الازدياد الأخير في الأرقام انطلاقا من ”العزلة والوحدة واستخدام الإنترنت كطريقة وحيدة تقريبا للتواصل“ أثناء تفشي الوباء، بحسب تقديرات تيم ماكغينيس مؤسس جمعية ”سكارس“ المخصصة.

ومن النتائج الإيجابية المفاجئة لفحوص كوفيد إلى قيود السفر الجديدة... وفرت الضبابية المستمرة خلال العامين الماضيين أعذارا جاهزة للمحتالين لإلغاء مواعيد انتظرها طويلا من أوهموهم بالحب، وفق هيئة المنافسة الأمريكية.

من جهته، قال رجل لجمعية ”Silent Victim No More“ إن القيود الصحية وفّرت لمراسلته أسبابا دائمة للتهرب منه. واعتبر هذا الرجل الذي دفع ما يقرب من 400 ألف دولار أن الجائحة ”صبت في مصلحة المحتالين“.

في المقابل، يتزايد الاهتمام بهذا النوع من عمليات الاحتيال، لا سيما عبر مجموعات تعاضد أو أخيرا عبر الفيلم الوثائقي ”The Tinder swindler“ على نتفليكس.

وفور إدراك الستينية ديبي مونتغومري جونسون أنها فقدت أكثر من مليون دولار، قررت أن تروي كيف وقعت في شباك رجل أوهمها بالحب على مدى عامين.

وقد كتبت كتابا عن قصتها وانضمت إلى فريق جمعية ”سكارس“ التي تتواصل مع حوالي سبعة ملايين ضحية منذ العام 2015.

وتشرح جونسون قائلة: ”كنت أبحث عن صديق مقرب“ بعد أن غاصت في مواقع المواعدة بعد وفاة زوجها. ولم تكن تعتزم دفع المال كما فعلت، لكن الرجل ”حرك فعلا مشاعري“.

ويصف تيم ماكغينيس من جمعية ”سكارس“، وهو أيضا ضحية لمثل هذه الحالات، هذا الاحتيال بأنه ”تلاعب على مستوى رفيع“. ويقول إن التواصل ”يحصل على شكل محادثة عادية، لكنه يستخدم تقنيات تلاعب محددة جدا للهيمنة“ على الضحية.

ويتخفى المحتالون، وأغلبهم يقيمون في غرب أفريقيا، خلف هويات مزيفة لأشخاص يعيشون ويعملون في الخارج، أحيانا تحت ستار جنود، ما يفتح الطريق لاحقا أمام أعذار.

وبعد قصة حب طويلة من بُعد، يأتي طلب تحويل الأموال لشراء تذاكر سفر أو تأشيرات دخول أو نفقات طبية أو حالات طوارئ أخرى، مع وعد دائما بإعادة المبالغ المدفوعة فور حصول اللقاء المزعوم.

ومع قليل من المخاطر وكثير من الأرباح، يكرر المحتالون هذا السيناريو ليس على تطبيقات المواعدة فحسب، بل أيضا على إنستغرام أو حتى الألعاب عبر الإنترنت.

ويقول تيم ماكغينيس ”المحتالون موجودون في أي مكان يمكنك فيه بدء محادثة مع شخص ما“.

ولا يُستثنى الشباب من هذه العمليات، فبحسب هيئة المنافسة الأمريكية، زاد عدد الأمريكيين ضحايا هذا الاحتيال الذين تراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما بأكثر من عشرة أضعاف بين عامي 2017 و2021.

وتسهّل الشعبية المتزايدة للعملات المشفرة مثل بتكوين، أيضا هذه الحالات بفعل الغموض في التحويلات النقدية التي تتيحها.

وبحسب تيم ماكغينيس، فإن عمليات الاحتيال العاطفي تطاول أبناء جيل الشباب ”بوتيرة أكبر مع مبالغ أقل“، بينما يخسر كبار السن مبالغ أكبر لكن بوتيرة أقل.

وبسبب الخوف من أحكام الآخرين، غالبا ما يحتفظ الضحايا لأنفسهم بقصة يخجلون منها. وقد سمعت ديبي مونتغومري جونسون الكثير من القصص المشابهة لقصصها على مر السنين، ”لكن لم يكن أحد يتحدث عنها“.

وتقول اليوم، إنها تريد أن تردد صدى صوتها من حولها، ”لتكون صوت من بقي على قيد الحياة“.

شارك