اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتُعز من تشاء وتُذل من تشاء بيدك الخير وأنت على كل شيء قدير.

الدوائر تدور والتاريخ يعيد نفسه، ففي منتصف القرن التاسع عشر احتلت بريطانيا الهند، وفي سنة 1930 قاد الزعيم الهندي غاندي تمرّداً مدنياً ضد الاستعمار البريطاني، وفقدت الهند آلاف البشر من الشعب الهندي في المواجهات مع القوات البريطانية، إضافة إلى قتلها -وأعني بريطانيا- الآلاف من الهنود الذين يعملون في حفر المناجم والأنفاق حيث يتم دفنهم أحياءً بعد انتهاء الحفر. وفي 10 أغسطس سنة 1947 نالت الهند استقلالها، وبعد الحرب العالمية الثانية خرجت بريطانيا العظمى من جميع مستعمراتها وأصبحت شبه مستعمرة أمريكية، وعبر سنوات طوال واجهت بريطانيا مشاكل اقتصادية وسياسية وأهمها خروجها من الاتحاد الأوروبي في يناير من السنة الماضية وفي الوقت نفسه لم تعد عضواً في أكبر سوق اقتصادية، وخروجها من السوق الأوروبية كبّدها خسائر جسيمة لم تعد البلاد قادرة على تحمّلها. وتعاقب على رئاسة الحكومة البريطانية عدد من الرؤساء الكبار من بينهم ونستون شرشل ومارغريت تاتشر وآخرون، إلا أن بريطانيا أصبحت تتأرجح بين اتخاذ قرارات مجلس النواب والحكومات. بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية تربّعت تراس على كرسي رئاسة الحكومة إلا أن الحظ المتعثر أزال تراس عن الحكومة لتعلن استقالتها في أقل من شهرين من ترؤسها الحكومة، ولكن المفاجآت أصبحت تعصف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ليعتلي دفة الحكومة مهاجر هندي ويصبح رئيساً للحكومة، ويعي مجد غاندي الذي كافح للاستقلال عن بريطانيا ويقول للشعب الهندي، ابن الهند، يحكم بريطانيا. سبحان مُغيّر الأحوال.

* كاتب ومحلل سياسي