في 2011 عمد النظام الإيراني إلى تحريض وتشجيع وتمويل ودعم أولئك الذين قرروا تنفيذ قفزتهم المجنونة في الهواء وظل يردد ما معناه أن من حقهم أن يطالبوا بالإصلاح وبالتغيير وبإسقاط النظام، وظل يتهجم على السلطة هنا ويبالغ في انتقاد كل خطوة تقوم بها وكل فعل ترى أنه يمكن أن يحمي البلاد من الفوضى. قال الكثير وفعل الكثير لكنه وإياهم لم يستطيعوا تحقيق أيٍ من أهدافهم وغاياتهم وتمكنت الحكومة من إدارة الأزمة بذكاء وعادت الأحوال إلى نصابها واقتصرت الخسارة على أولئك الذين لبسوا دور «المعارضة والثوار» ولايزالون يعانون مما جنته أيديهم وأيدي النظام الذي احتضنهم وحرضهم وشجعهم ومولهم ودعمهم.

اليوم يصرخ النظام الإيراني ويقول إن من حقه أن يحمي نفسه ويحمي إيران من الفوضى وأعطى نفسه حق إصدار كل فتوى تسهل له محاربة المواطنين الذين عانوا على مدى أربعين عاماً ونيف وتركيعهم ولم يتأخر عن تنفيذ أحكام الإعدام الطائشة بغية تخويف المواطنين الذين هم الآن في اتجاه تحويل احتجاجاتهم وانتفاضتهم إلى ثورة قد تفضي إلى تغيير النظام، واعتقل وسجن آلاف الإيرانيين والإيرانيات وواجه مظاهراتهم بكل الأسلحة التي رأى الحرس الثوري المتحكم في قرار النظام مواجهتهم بها وصار العالم يشهد بكل حواسه التناقض الصارخ بين الشعارات التي يرفعها الملالي وطريقة مواجهتهم للمواطنين الذين قرروا أن يخرجوا من صمتهم ويطالبوا بتحسين معيشتهم واسترداد كرامتهم.

اليوم يذوق النظام الإيراني شيئاً مما عمد إلى إذاقته لدول المنطقة طوال أربعة عقود مع فارق أنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه فيها بينما تمكن المواطنون الإيرانيون الذين قرروا أخيراً الخروج من معاناتهم من لفت أنظار العالم إلى المظالم التي يمارسها النظام، وواضح أنهم يتقدمون ويحققون الانتصار تلو الانتصار رغم تزايد أعداد الضحايا ورغم العنف الذي يمارسه النظام ضدهم ورغم شراسة الماكينة الإعلامية المتوزعة في العديد من الدول والتي صرف عليها النظام من ثروة الشعب الإيراني الكثير.

دارت الدنيا عليهم.