جاء إقدام زعيم حزب «الخط المتشدد» الدنماركي اليميني المتطرف «راسموس بالودان»، على إحراق نسخة من القرآن قرب السفارة التركية في العاصمة السويدية ستوكهولم، وسط حماية مشددة من الشرطة، وكذلك قيام أحد المتطرفين في هولندا بتمزيق نسخة من المصحف الشريف في مدينة لاهاي الهولندية، ليكشف عن مدى حالة الجنون و«السعار»، التي وصلت إليها التيارات المتطرفة في الغرب سواء كانت من اليمين أو اليسار، تجاه كل ما هو إسلامي، في أفعال تكشف عن تغلغل صفات الهمجية في نفوسهم المريضة تجاه الدين الإسلامي الحنيف، وهو الدين الذي جاء متمماً للرسالات السابقة في الدعوة إلى الأخلاق الحميدة ونبذ التعصب والكراهية والحض على السلام والتعايش كأساس لرقي البشرية وتحضرها.

ولعل المثير للاستفزاز والاشمئزاز في ذات الوقت هو ادعاء مرتكبي هذه الأفعال الشائنة أنها تأتي في إطار قيم حرية التعبير والرأي التي يقدسها الغرب وصارت ديناً موازياً له، متغافلين أن حرية الرأي ليست مطلقة وإنما تقف عند احترام مشاعر ومقدسات الآخرين، وأن هذه الأفعال المتكررة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الكراهية والانقسام بين الشعوب، ومتجاهلين أن الله عز وجل هو الذي أنزل دين الإسلام وتكفل بحفظ القرآن الكريم، وأن كل مساعيهم البائسة لن ينالوا من ورائها غير الحسرة والخسران.

إن الحال القميء الذي وصل إليه بعض الغرب من فساد وانحلال أخلاقي ودعم للشذوذ والعلاقات المحرمة والسلوكيات الحيوانية والهمجية في أعلى صورها، أصبح أمراً مثيراً للغثيان والشفقة، فهم في ذروة ضياعهم الإنساني والفطري يحاولون النيل من الدين الإسلامي الذي يعرفون عنه أنه ـ كبقية الأديان ـ يجرم هذه الأفعال الدنيئة، وأن أتباعه لا يزالون يتمسكون به وبهويتهم ومستمرين في مقاومتهم لهذا المد الشيطاني، ولذلك عمل هؤلاء المجرمون على نشر المزاعم الباطلة عن علاقة الإسلام بالتطرف والإرهاب، وهو منه براء، واختلقوا ما يسمى بـ«الإسلاموفوبيا» لكي يؤججوا مشاعر غير المسلمين ضد الإسلام كدين وعقيدة ونمط حياة، ولكن هيهات أن يتحقق لهم ذلك.

لقد حاولوا على ما يزيد على 1440 عاماً وحتى الآن إلى إسقاط هذا الدين إلا أن إرادة الله حفظته، كما حرقوا ومزقوا المصاحف فما أطفأوا نورها في الصدور وزاد تعلق المسلمين بالقرآن تلاوة وحفظاً وتدبراً، وهنا أقتبس هنا مما جاء في بيان الأزهر الشريف حيث قال: «إن هذه الأفعال الإجرامية الصادرة من الهمج لن تنال من حرمة المصحف الشريف في قلب إنسان متحضر، وسوف يظل في عليائه كتاباً هادياً للإنسانية جمعاء، وموجهاً لها لقيم الخير والحق والجمال، لا تنال من قدسيته أحقاد الضالين المجرمين، ولا تصرفات باعثي التعصب والحقد والنفوس المريضة، من أصحاب السجلات السوداء في تاريخ التعصب والكراهية وحروب الأديان».

إننا في مواجهة هذه الأفعال الهمجية بحاجة إلى مواقف أكثر فاعلية من الإدانة والتنديد والشجب رغم أهمية ذلك، إلا أن المطلوب أن نتحرك في إطار إسلامي وعربي ومن خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتبني قرار دولي ملزم يعاقب كل من يروج «للإسلاموفوبيا» وينال من دين الإسلام سواء كانوا أشخاصاً أو مجموعات أو دولاً، على غرار ما تبناه المجتمع الدولي في تجريم ومعاقبة «معاداة السامية»، لأن التأخير في تحقيق ذلك سيجعلها تتكرر في ظل تواطؤ وصمت الحكومات الغربية التي لا يحركها سوى دوافع السياسة والأصوات الانتخابية.

ولقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ»، «سورة الأنفال، الآية 30»، ليطمئن قلب النبي صلى الله عليه وسلم حينما حاول المشركون قتله، ولتكون رسالة ويقين لنا حتى يوم القيامة بأنه سبحانه وتعالى سيحفظ دينه، وعلينا أن نكون على قدر هذه الأمانة والمسؤولية العظيمة.. حفظ الله مملكة البحرين وقيادتها وشعبها وأدام عليها الأمن والاستقرار.