اعتدنا منذ فترة طويلة من الزمان أنه مع دخول «البراد» والأجواء المنعشة تنتقل التجمعات الأسبوعية للعوائل والمجالس من البيوت إلى الخيام، حيث هي المساحة الواسعة والفعاليات المتنوعة، فيبتعد الأطفال عن شاشات الهواتف والآيباد، ويمارسون بعض الألعاب الحركية والاحتكاك ببعضهم البعض في العالم الواقعي بعيداً عن العالم الافتراضي.

كذلك يعتبر التخييم فرصة لكسر روتين الآباء والأمهات بعيداً عن مهامهم اليومية، مما ينعكس فعلاً على صحتهم النفسية، فموسم التخييم أعاد شيئاً من الحيوية لجميع العائلات البحرينية التي اعتادت أن تخيم لسنوات طويلة حتى تسبّب عليها فيروس كورونا (كوفيد19) بإيقاف الموسم، فكان البديل هو الكشتات المتناثرة هنا وهناك، وبعض التجمعات لدى البيوت التي تمتلك «حوشاً» واسعاً لتقيم فيه تجمّعاً مختلفاً عن التجمّع الروتيني.

عملية كسر الروتين مهمة جداً مهما بدت بسيطة لدى البعض، فعندما يكون الشخص محصوراً في نفس الروتين، قد يكون من الصعب عليه أن يُظهر قدراته الإبداعية بشكل كامل، وهذا الكسر في روتينه سوف يسهم في تنشيط العقل وتحفيز التفكير الإبداعي، لأنه بذلك سيبتعد عن منطقة الراحة التي تقيّده عن اكتشاف الكثير من المهارات الكامنة بداخله.

ومن الأمور التي أحبُّها في موسم التخييم بشكل عام هي «تفنُّن» الشباب في الطبخ، فتجد أنه في كل مخيّم هناك شخص فريد من نوعه، يخطط بشكل أسبوعي لـ«طبخة الويكند» طوال الأسبوع، وتجده يبذل جهداً كبيراً في التفوق على نفسه في كل أسبوع، وهذا الشخص جزء لا يتجزأ من تركيبة المخيمات في مختلف الثقافات، إضافة لشيف المخيم هناك أيضاً مدير الفعاليات، وهو المعني بتنسيق لعبة الأسبوع، فهل سيكون هناك دوري لكرة الطائرة، أم دوري «كوت بوستة»، أم ستكون هناك مسابقات وأسئلة «كاهوت» وجوائز، مما يخلق جواً من المنافسة والضحك والتفاعل.

كل هذه الأمور البسيطة كفيلة بأن تمسح عنك وعثاء أسبوع من العمل والجهد الشاق، من خلال الخروج في هذه الرحلة للمخيم، فتسترجع خلالها طاقتك، وتستمع بوقتك، وتعود متهيئاً لأسبوع آخر وأنت قد جددت طاقتك وحيويتك، وحافظت بطريقة أو بأخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر على صحتك النفسية، فلا تحرم نفسك من الخروج «للبر» ولو لمرة في الشهر لتستمتع بالأجواء بعيداً عن روتين «المدينة».