لا تختزل القضية الفلسطينية في قضية الحرب على غزة، إنما غزة هي جزء من نسيج أكبر، وهي القضية الفلسطينية وعن محيطها العربي ككل واختزالها في غزة أمام العالم لم يتم الترويج له إلا من قبل أطراف غير عربية لتحقيق مآربها الخاصة التي هي في الواقع بعيدة كل البعد عن القضية الفلسطينية، وما تصريح المتحدث العسكري للحرس الثوري الإيراني يوم الأربعاء الماضي عندما قال «إن عملية «طوفان الأقصى»، التي شنتها حركة «حماس» ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، كانت ضمن عمليات الانتقام لاغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني»، إلا دليل على أن هناك من يريد أن يفصل قضية غزة، بل القضية الفلسطينية بأكملها عن محيطها العربي.

رغم كل ذلك تبقى القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى منذ احتلال إسرائيل لفلسطين سنة 1948 ولقد خاضت الجيوش العربية عدة حروب من أجل القضية الفلسطينية أولها ما سمي «النكبة العربية» وتوالت بعدها الحروب مع إسرائيل مثل حرب 1967 وكان آخرها حرب أكتوبر 1973 وكانت حرب العاشر من رمضان 1973 من أكثر الحروب التي شهدت صورة من التلاحم العربي من أجل القضية الفلسطينية، حيث قادت مصر الجيوش العربية نحو موقف عربي موحد وشهدت تماسك العرب في هذه الحرب التي كانت هي من أجل قضية فلسطين، وبدون العمق العربي فإن القضية الفلسطينية تصبح بدون هوية، وقدم الجندي المصري والسوري والعربي أروع الصور في هذه الحرب، وشاركت دول الخليج العربية مثل السعودية والإمارات والكويت بدور إستراتيجي ومهم في حرب 1973 وهو وقف ضخ النفط إلى الدول التي تقف مع إسرائيل، وبعض الدول العربية أرسلت قوات عسكرية إلى مصر وسوريا لمساندتهم وأكدت هذه الحرب أن محور الصراع مع إسرائيل هو القضية الفلسطينية. ولا يزال الدور العربي مسخر من أجل الحرب الدائرة في غزة ووقف العدوان الإسرائيلي عليهم من خلال عقد المؤتمرات العربية والضغط على الموقف الأمريكي؛ لجعل إسرائيل تستجيب للنداءات الدولية ووقف المجزرة الإسرائيلية، وكذلك تقديم المساعدات لشعب غزة رغم المعوقات الصعبة للوصول إلى هذا الهدف، لذا نجد أن دول الخليج العربية تقدم المساعدات بمختلف أنواعها.

وبسبب ذلك تشهد هذه المرحلة حرباً نفسية على الشعب الفلسطيني عندما تطرح في وسائل التواصل رسائل تقلل من دور الدول العربية في القضية الفلسطينية لخفض الروح المعنوية لدى المواطن العربي.

ومهما حاولت بعض الدول الأجنبية الاستفادة من القضية الفلسطينية لتحقيق مآربها الخاصة فإن القضية الفلسطينية سوف تبقى قضية عربية بالدرجة الأولى.