قبل أن تشرع في التخطيط للبدايات الجديدة على مختلف الأصعدة، يجب عليك بدايةً التوقّف لبعض الوقت وتقييم ما قد مضى، وماذا حققت مما خطّطته في الماضي للفترة السابقة، فمجرد وضع خطط جديدة لا يعني أبداً أنك تسير في الطريق الصحيح، فوقفات المحاسبة والمراجعة هي ما يمنحك الرؤية الكاملة، ومعرفة نقاط القوة والضعف في خططك السابقة، كذلك يجب أن يتمّ تقييم أدائك من شخص آخر قريب منك، لأن الإنسان يجيد خداع نفسه في أحيان كثيرة.

نقد الذات من المهارات الصعبة التي يتعلمها الإنسان مع الوقت، وتعتبر القدرة على استيعاب الانتقادات والاستفادة منها فناً، يحتاج إلى تدريب وثقافة ووعي، فهي ليست سمةً تكتسبها من مجرد حضور ورشة، أو تدرسها بشكل أكاديمي، إن الانتقاد البنّاء عملية طويلة تتطلب عقلية متفتحة ورغبة حقيقية في النموّ والتحسين.

ومن خلال النقد البنّاء، يتمكّن الفرد من رؤية نقاط قوته وضعفه، مما يمهّد له الطريق للنمو على الصعيدين الشخصي والمهني، فهو أداة تعليمية قيّمة تُساهم في تطوير المهارات وتحسين الأداء، وتُسهم في بناء جسور التواصل الفعّال بين الأفراد.

ولكنْ من المهم كذلك أن نعرف كيف نقدّر الانتقادات ونستخلص العِبر منها، فالانتقاد البنّاء يأتي من أصحاب الخِبرة والرؤية الإيجابية، ويُمكن أن يكون مفيداً جداً في توجيه الأفراد نحو الطريق الصحيح وتحقيق الأهداف المرجوة.

ولكنْ لا يعني النقد الذاتي والاستماع للنقد هو البقاء بجانب النقّاد بشكل دائم، فالبعض منهم ينتقد من أجل النقد ولشهوة للنقد والتحبيط في داخله، ولذلك، إن الابتعاد عن الأشخاص السلبيين والمحبطين قد يكون ضرورياً في بعض الحالات للحفاظ على روحك الإيجابية، والحفاظ على تركيزك على الأهداف والنجاح، ولا يعني ذلك الاتجاه للعزلة، ولكن يمكن أن يكون ضرورياً للحفاظ على توازنك العاطفي ونجاحك الشخصي.

فعملية الموازنة بين الاستماع للنقد والنقد الذاتي، والعمل على تطوير الذات، والابتعاد عن المحبطين عملية تحتاج لبعض الخِبرة الحياتية والتي ستكتسبها مع الأيام، وستعلّمك بعض المواقف هذه الدروس بالطريقة الصعبة.