جاءني ابني عبدالعزيز الذي أتم عامه التاسع قبل أيام بعلبة بلاستيك صغيرة لأحد الأدوية منتهية الصلاحية، فأمرته بالتخلص منها برميها في «سلة القمامة» أعزكم الله، ولكنه رفض معللاً بأن البلاستيك لا يتحلل ويجب أن يوضع في مكان مخصص للبلاستيك. فقلت له ضعها «في سلة القمامة» وعامل النظافة سيتولى موضوع فرزها!! فهو المعنيّ بذلك.

هذه ليست المرة الأولى التي يضعني فيها أبنائي في مثل هذه الخانة!! الخانة التي لا أعرف الرد فيها، وأضطر إلى «الكذب المبرر»، فأنا أعلم أن صدمته ستكون كبيرة عندما يعرف أننا مازلنا لا نقوم بفرز النفايات، وستكون صدمته أكبر وأعنف لو عرف أننا مازلنا لا نقوم بإعادة تدوير النفايات أصلاً!!

يحظى أبنائي بتعليم ممتاز قائم على مبدأ المواطنة العالمية، فهم يتلقون أحدث الممارسات العالمية ليس في المدرسة وحسب، ولكن من خلال اطلاعهم الشخصي عليها في محركات البحث التي أصبحت صديقة لهم وأصبحت الملجأ لأي سؤال يتبادر إلى أذهانهم.

وأصبح أبنائي يلاحظون الفرق بين ما يحب أن يكون وبين الواقع الملموس، ويناقشون قضايا أكبر من عمرهم.. ويقارنون بين ما يتم تعليمهم إياه وبين ما يتم تطبيقه.

لست بصدد الحديث عن المواد التعليمية التي يتلقاها الطلبة في جميع المدارس لإيماني الشديد بحرص وجهود وزير التربية والتعليم على تحديث المناهج بشكل دوري لتتناسب مع متطلبات العصر، ولكنني سأتكلم عن مواءمة التعليم بالتطبيق فالموضوع يتعدى دور وزارة التربية والتعليم إلى باقي وزارات الدولة وهيئاتها.

فعلى سبيل المثال عندما ينتهي المدرس من درس شرح فيه أهمية المحافظة على البيئة من خلال فرز النفايات وإعادة تدوير البلاستيك، ويقوم في نهاية الحصة برمي علبة الماء البلاستيكية في حاوية النفايات غير مقسمة، لأن المدارس ببساطة مازالت تستخدم الحاويات التقليدية. يحدث للطالب اضطراب بين ما تعلمه وما يجب تطبيقه.. ولهذا نسمع العديد من الأشخاص يكرر عبارة «كلام كتب» في كناية عن أن هذا الكلام لا يطبق.

رأيي المتواضع

استخدمت أحد الأمثلة فقط لكي أوصل لكم فكرة الفجوة بين التعليم والتطبيق!! وهو موضوع يستحق الوقوف عنده لأنه يبني لنا شخصية أبنائنا فما بالكم لو كان الموضوع أكبر من «علبة بلاستيك»، ما بالكم لو أن الأمر يتعلق بالأخلاق مثلاً، أو يتعلق بالقيم أو يتعلق بالقوانين والأنظمة!!!

المتناقضات تهلك التفكير، فلنعمل سوياً كمجتمع كامل لأن نحوّل ما نتعلمه إلى واقع نعيشه.