هناك فئة من الأطفال يعيشون بيننا وهم ما يمكن أن نطلق عليهم «أطفال خارج الصندوق» وهم الأطفال الموهوبون الذين هم بحاجة إلى أن نشملهم بنوع من الرعاية الخاصة في عصر تتنافس فيه الأمم على تنمية مواردها البشرية منذ الطفولة خاصة وأنهم يمثلون أهم مورد لمستقبل الوطن ولتحقيق أهداف رؤية البحرين 2030 ويعرفون «بأنهم أولئك الأطفال الذين توجد لديهم استعدادات وقدرات عقلية فوق العادية وأداء متميز عن بقية أقرانهم في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع، ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة لا تتوفر في منهج الدراسة العادية». إن إهمال هؤلاء الأطفال بدعوى ديمقراطية التعليم لا يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة، فإهمالهم فيه ظلم لهم وظلم للمجتمع، فالله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين في قدراتهم كثيرة، والعدالة تكمن في رعاية كل فئة بما يناسبها ويحقق لها أقصى درجة ممكنة من النمو تشفع لهم في ذلك صفاتهم وخصائصهم وقدراتهم وفي ذلك تتحقق العدالة الاجتماعية. ومما يحز في نفس كل مواطن غيور على هذا الوطن أن ما يقدم إليهم من رعاية تكاد تكون محدودة في دولة ظهر فيها التعليم النظامي في وقت مبكر ويفترض أننا الآن قد بلغنا مستوى متقدماً في هذا المجال وتوفرت لدينا تجارب ثرية في رعاية هؤلاء الأطفال.

ونؤكد هنا على الجهود الكبيرة لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، حفظهما الله في إقامة برامج خاصة للشباب لتنمية قدراتهم.

نحن بحاجة إلى توطين برامج خاصة للأطفال الموهوبين في مختلف مراحلها للجنسين في كافة المدارس وخاصة في التعليم الأساسي وذلك لأن «العلم في الصغر كالنقش في الحجر» خاصة وأن البحرين تعج بأولئك الأطفال الموهوبين الذين يمتلكون القدرات العقلية الفائقة، في مجال أو أكثر من المجالات وإليهم خصائص إيجابية من مثل سرعة في التعلم، تنوع في الاهتمامات، التعمق في مجال معين، حصيلة معلوماتية شديدة الثراء والتنوع، قدرات عالية في التفكير المجرد، قدرات ومستويات متقدمة في الابتكار، سهولة في التعلم بغض النظر عن صعوبة المادة التعليمية وتعقدها، أداء وتحصيل دراسي مرتفع، قدرات عالية في فهم المشكلات وحلها، والقدرة على الوصول إلى ما يعرف بحد التمكن في التعلم، ولديهم قدرة على التفكير الاستنتاجي والاستدلالي ونحن بحاجة إلى اكتشاف هؤلاء الأطفال الموهوبين وتقديم البرامج الخاصة لهم لأن المناهج العادية لا تشبع ما لديهم من كل هذه الحاجات. لقد تبنت معظم المجتمعات مبدأ أهمية التربية للجميع، فأتاحت الفرص التعليمية والتربوية لجميع أبنائها على السواء ومراعاة الفروق الفردية، وبدأت تدرك أن هناك من أبنائها المتميزين من ساهم في بناء النهضة وحمل مشاعل النور عبر تاريخها القديم والحديث، فبدأت في توجيه مزيد من الاهتمام والرعاية لهؤلاء الأبناء صناع المستقبل وقادته وعلمائه حتى تتحقق لها القيادة والريادة والتقدم فهل نعي هذه الحقيقة ونعمل بها.