تكاد تصبح القضية الفلسطينية كقميص عثمان لإثارة الفتن في المنطقة العربية بعد أن دُمِرَت غزة وشُرِّدَ شعبها وأصبح سكانها مشتتين وأصبح هناك تجار حروب من الذين يدعون إلى (الجهاد) من أجل القضية سواء من الفلسطينيين أو غير الفلسطينيين وأكثر من استغل هذه القضية وتاجر بها من غير العرب هم ملالو النظام الإيراني عبر سنين حكمهم رغم أنهم نفذوا أكبر المجازر في بعض البلاد العربية التي لهم أذرع فيها ففي سوريا ارتكبت المجازر في مخيم اليرموك على يد الميليشيات الإيرانية والفصائل الفلسطينية الموالية لها وميليشيات حزب الله في حلب نفذت مذابح ضد السوريين العرب في سوريا وفي العراق نفذ الحشد الشعبي والميليشيات الموالية لإيران المذابح لشعب العراق من العرب والأكراد وفي اليمن تكاد تصبح لدينا دولتان وفي لبنان شبه دولة كل هذه التداعيات بحجة الدفاع عن القضية الفلسطينية.

والذي يخطط ويدرب الميليشيات الموالية لإيران في الدول العربية هذه هو الحرس الثوري الإيراني لتنفيذ أجندة النظام الإيراني وعلى رأسها قيام المشروع الإيراني في المنطقة. هل تقبل إيران أن تُدَك مدنها بالصواريخ ويُشرَد شعبها؟ لقد أصبحت شعوب الدول العربية التي لإيران نفوذ فيها مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين وسوريا وقوداً لمعارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

وما كنا نخشى منه في بداية حرب غزة من أن تتحول إلى نزاع إقليمي ها هو يتحول إلى حقيقة على أرض الواقع لتأخذ لها منحى آخر لتصبح حرباً في الممرات المائية في البحر الأحمر حيث يضرب الحوثيون بصواريخهم الإيرانية السفن التجارية في الممرات الدولية لا من أجل غزة كما يقولون إنما من أجل أطماع النظام الإيراني لكي يمسك بورقة ضغط على الدول الأخرى مثل أمريكا ودول الناتو.

لا بل أكثر من ذلك لقد تحول النزاع الإقليمي إلى نزاعات دولية عندما وجهت ميليشيات النظام الإيراني في العراق صواريخها إلى القواعد الأمريكية في المنطقة مثلما حدث عندما أطلقت كتائب حزب الله العراقي والنجباء طائرات مسيرة على قاعدة أمريكية على الحدود بين سوريا والأردن وترد أمريكا على هذه الميليشيات في العراق وسوريا واليمن وما يخبئ له المستقبل على القضية الفلسطينية بسبب هذه الحرب قد يكون أسوأ لتصبح حرب الساحات حقيقة واقعة والدول العربية كلها خارج هذا السيناريو رغم أنها تتضرر منها حيث تضررت مصر اقتصادياً عندما انخفض دخلها من قناة السويس وتضررت الأردن أمنياً حيث تواجه الإرهابيين القادمين من سوريا لتحقيق أهدافهم.

وفي كل مرة يعبر النظام الإيراني عن أدعيته الكاذبة بأن السبب في ذلك هو حرب غزة وغزة الجريحة بريئة من كل ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب فهي تزيد اشتعالاً ويزيد عدد الضحايا من الفلسطينيين وتدفع الثمن باهظاً من القصف الإسرائيلي ليلاً ونهاراً.

لهذا كله أصبحت القضية الفلسطينية شماعة لكل من يريد أن يحقق أهدافه الخاصة، لنتجرد من عواطفنا نحن كعرب أنظمة سياسية وشعوب ونقر أن ما يجري يرجع بنا إلى المربع الأول في صراعنا مع إسرائيل فأصبحنا نطالبها فقط بأن توقف نيرانها وتسمح بدخول المساعدات لأهالي غزة بدلاً من أن نطالبها ونطالب دول العالم بأن تكون هناك دولة فلسطينية لشعب فلسطين لها كل الحقوق وعليها كل الواجبات في المجتمع الدولي ويغلق ملف هذه القضية التي أخذت من الشعب الفلسطيني أولاً ومن كل العرب الكثير.