في نقاش دار في أحد المجالس النسائية حول إقبال الناس على شراء المواد الغذائية، تساءلت إحداهن، من الغريب أن يزيد احتياج الناس لشراء المواد الغذائية ففي هذا الشهر يصوم الناس عن الطعام، فمن المفروض أن تقل حاجتهم إلى شراء الأطعمة أو على الأقل ألا تزيد.

فقلت لها: إن عدد وجبات الطعام لا تقل في رمضان عن باقي أشهر العام، بل يتغير ترتيب ونوعيه الوجبات فقط، فالناس يتناولون ثلاث وجبات، وهي الفطور، والسحور، والغبقة، ونقصد بالغبقة هي وجبة تكون بين الفطور والسحور.

ولكن ما يزيد استهلاك الناس للطعام هو التجمعات العائلية، فالعائلة تتجمع على الفطور كوليمة يومية، وفي هذا التجمع لا بد من تقديم أطعمة متنوعة وفاخرة، كالمقليات، وقوالب الحلويات، وبالطبع الأطباق الرئيسية.

ناهيك عن الولائم التي تقام على وجبة الغبقة بين الأصدقاء، والجيران والأهل وتلك التجمعات التي تقام لتناول هذه الوجبة عادة ما تقدم فيها أجود أنواع الطعام، وتتسم بالتنوع غالباً، وفي كثير من الأحيان تقدم وجبات السمك والأرز المطبخ مع السكر والذي يسمى (المحمر) وبطبيعة الحال فإن السمك غالي الثمن.

كما تجد الأمهات يكثرن من طبخ الأطعمة لأنهن يتبادلن مع الأقارب والجيران الأطباق اللذيذة، ناهيك عن تصدقهن الكريم بهذه الأطباق للمحتاجين، وتأمينهن وجبة الفطور لبعض العمال مثل عمال البرادة المجاورة، أو العامل الذي يغسل السيارات، أو صاحب الخياط المجاور وغيرها. فإقامة الولائم والتجمعات العائلية في رمضان من العادات الاجتماعية الجميلة التي تعزز الترابط بين أفراد العائلة، وبين الأقارب والجيران، والجميع يحرص عليها ويعتبر هذا الترابط والتواصل هو صلة رحم نثاب عليها. فمن الطبيعي أن يزيد زيادة الحاجة إلى شراء المزيد من المواد الاستهلاكية، ما يشكل عبئاً مالياً على ميزانية الأسرة.

من هنا تجد أن الناس يقبلون على شراء المواد الغذائية بكميات كبيرة من الأسواق والبرادات، وللأسف تجد أن بعض التجار يستغل هذا الموسم بشكل سلبي، فتجد أنه يعرض السلع التي مدة صلاحيتها ستقارب على الانتهاء، ليضطر الناس إلى شرائها، ويتقبل الناس هذا العرض لأنهم يعلمون أنه سيستهلكونه في مدة قصيرة، والبعض يقدم العروض الوهمية وكأنها أسعار مخفضة، والواقع أنها نفس السعر أو ربما أغلى من السعر المفروض، فيجمع مجموعة من علب (الكريم كراميل) مثلاً في رزمة واحدة ويكتب عليها (عرض خاص) فإذا ما قارنت السعر تجد أنه لا يوجد تخفيض ولا عرض خاص، أو أنهم يضعون منصات لعرض سلع ويكتب عليها عروض رمضانية والواقع أنه لا يوجد تخفيض.

فكل ما نتمناه من التجار مراعاة ظروف المستهلك، وطرح تخفيضات فعلية يستفيد منها المشتري، ولنستفيد من تجربة الأوروبيين في الاحتفالات بأعياد الميلاد، أو (بالهالوين) فتجد التجار يغرقون الأسواق بسلع مميزة بأسعار رخيصة خيالية فيستفيد الجميع من هذه التخفيضات حتى إن الكثير من الخليجيين يسافرون للتسوق في أوروبا ليستفيدوا من هذه العروض، وقد سألت مرة إحدى صديقاتي البريطانيات عن فائدة التجار من هذه العروض فقالت: هم يقدمون التخفيضات من باب المسؤولية المجتمعية، وطلباً للأجر والثواب. فقلت ليت تجارنا يستفيدون من تجربتهم..

وتقبل الله منكم صيامكم وطاعاتكم.