إذا لم تستطع الوقوف عند إشارة المشاة لتمنح الوقت لكل من يعبر الطريق دون أن تتذمر أو تطالب بالإسراع أو حتى تتأفف فلا لزوم لتكملة الصوم، وإذا مرت سيارة أو دراجة على المسار الذي يجانبك وغيرت من خط سيرها لتكون أمامك ولم تستطع أن ترفع أصابعك عن المنبه «الهرن» فاسرع لشرب الماء، حتى إذا وصلت لمدارس أبنائك وكأنك قادم من سباق «الفورمولا 1» أو «رالي داكار»، فلا تنسى أن تعود للمنزل وتتناول وجبة إفطارك، فالصوم ليس صوماً عن الأكل والشرب فقط، بل الصيام له من المعاني والأهداف ماهو أسمى وأهم وأعمق من الطعام والشراب.

مظاهر مزعجة تتكرر في صباح ونهار شهر رمضان المبارك، من خلال العصبية والنرفزة التي نرصدها في التقاطعات المرورية وعند المدارس وفي الأحياء وعند خطوط وإشارات المشاة، عندما ترى بعض السواق لا يطيق حتى نفسه، وكأنه يتعامل مع ذكاء اصطناعي، لا يقبل بغفلة أحدهم، ولا بتغيير مسار أحدهم، أو موقف خاطئ من قبل بعضهم، يريد العالم من حوله كالساعة من حيث الدقة، والسبب لأنه صائم ولا يطيق ولا يحتمل الأخطاء البشرية.

تلك المشاهد في الصباح، أما عند الإفطار وقبل أذان المغرب بربع ساعة، فأنت مطالب بلبس خوذة سواق سيارات السرعة والراليات، وربط أحزمة الأمان نظراً للسيارات ذات المحركات النفاثة التي ستمر عليك، أو ستطالبك بالتنحي جانباً لكي تمر بسبب سرعتها العالية والتي لا تمكنك حتى من معرفة نوع السيارة، كل هذا وكأن مستخدمو الطرق تفاجأوا بأن هناك أذان للمغرب وأن ذلك الأذان بعد عشر أو خمس دقائق، وكأنه قادم من مجاعة أو جزيرة نائية وللتو تم إنقاذه وهو في طريقه إلى وجبته الأولى في حياته.

أبداً ليس ذلك هو الهدف من الصوم، وليست تلك أخلاق الصائم، ولسنا بهذه الحال الذي يوصلنا إلى هذه النفسيات التي نواجهها يومياً صباحاً ومساءً.

نصيحتي لكل من يجد في نفسه تلك الصفات أعلاه، اشرب قهوتك صباحاً وأكرمنا بهدوئك، وتذكر بأن هناك صلاة للمغرب وقتها معين ومعروف حتى لا تتفاجأ وأنت بالطريق لتشعل لنا هدير محركاتك وتعرض حياة الناس للخطر، وإلا تناول غداءك حماية لنفسك ولأرواح غيرك.