منذ الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، من ذلك العام وإلى حاضرنا، مضت 1445 عاماً هجرية، وانتشر فيها الإسلام في جميع المعمورة، وكل مسلم مهما بعدت بلاده عن مركز الإسلام، في شوق وحنين وأمل أن يحج إلى بيت الله العتيق، ويزور المسجد النبوي الشريف، وأن يصلي في الروضة الشريفة، والحج على المسلم البالغ العاقل والقادر على تكاليفه من صحة ومال مرة في العمر، فمن أداها على أركانها، ولم يرفس أو يفسق عاد كما ولدته أمه، فما أعظمه من الأجر في الدنيا ويوم الدين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ومن لم يستطع أداء هذه الفريضة في زمانها ومكانها، لأي سبب من الأسباب المانعة، من مرض مقعد أو قلة مال، فإن دين الله يسر لا عسر، ولا بكاف الله نفساً إلا وسعها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمرة في رمضان تعدل حجة معي»، والمعروف أن العمرة أسهل من الحج، وأقل تكلفة، وأقل أياماً، وفي حديث رسول الله قال «من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كان له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً «صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية».

وكمقارنة ما بين الأمس واليوم في الأراضي المقدسة، مكة والمدينة ومنى ومزدلفة وغيرها من المشاعر المنصوص عليها، نرى أن هذه الأماكن طالها التطور والتحديث والتوسعة والتجديد، ووسائل المواصلات الحديثة من أنفاق وطرق وجسور وشوارع وسكك حديدية، بل طائرات حوامة تنقل الحجاج من المطارات السعودية الدولية إلى الأماكن المقدسة، مع توفر آلاف من الموظفين والمرشدين المسلحين بالإيمان وحسن الخلق وطيب الاستقبال لهؤلاء الحجاج، ومخاطبة كل حاج بلغته أما من ناحية الأمن والإسعاف والمستشفيات والعيادات الطبية، فحدث ولا حرج، بالإضافة إلى الحملات الطبية الخاصة المرافقة للحجيج كل من بلده، ومن مكرمات ملوك المملكة العربية السعودية من عهد المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى، وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أطال الله عمره وسدد خطاه وبمساندة ومساعدة من ولي العهد السعودي رئيس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لهم مكارم جليلة، ومن تلك المكارم والتي لا زالت باقية، استضافة آلاف من الحجاج من كل بلد مسلم أو فيه جالية مسلمة غير مقتدرة على مصاريف الحج، استضافة هؤلاء المسلمين المعوزين على حساب خادم الحرمين الشريفين من ماله الخاص، مع توفير كل ما يحتاجونه أثناء تواجدهم في الأراضي المقدسة، اللهم أدم الأمن والأمان والاستقرار والمنعة وزدهم من أفضالك، وتوفير العيش الكريم لشعب المملكة المضياف، فهم القدوة الحسنة، والموكلون بالحفاظ على القرآن الكريم والأحاديث والسيرة النبوية السمحاء، وبهذه المناسبة السعيدة ألا وهي عيد الأضحى المبارك يسرني أن أرفع أجمل التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهم الله وإلى شعب البحرين الوفي، متمنياً أن يعيد أمثاله علينا سنيناً بالخير واليمن والبركات، وعلى الأمة العربية والإسلامية وجميع دول العالم.