عَمَّ سيحكي التاريخ؟ أعن حبل الأخوة الذي يربط بين بلدين شقيقين؟ أم عن علاقة وطيدة عميقة تربط شعبين برباط المودة؟ عمَّ سيحكي التاريخ.. أعن بلدين صاغا لحناً للإخاء ليكون نبراساً للأجيال؟ أما عن عمق العلاقة الأخوية بين مملكتين يربطهما عقد من الود والمحبة ليلغي حاجز البحر الذي يفصل بين البلدين؟ إنهما المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، تاريخ طويل يترجم معاني الإخاء فتجد درب التبادل الثقافي ممهداً بينهما، وطريق تبادل الخبرات يعج بطارقيه، أما طرق التبادل الاقتصادي، فصفحات التاريخ تعج بهذا النوع من مواقف التكاتف والتعاون والتكافل بين البلدين فتشعر أنهما بلد واحدة، فألهم هذا المشهد الجميل الشاعر السعودي البحريني غازي القصيبي أروع أبيات الشعر، صاغها عند افتتاح الجسر الذي يربط بين البلدين، جسر الملك فهد، حين قال :

درب من العشق لا ضرب من الحجر
هذا الذي طاف بالواحات للجزر

فتاريخ علاقة التعاون والتكامل بين البلدين عريق، تبلوره العديد من الشواهد، فإنشاء جسر الملك فهد بما يحمله من خدمات مشتركة، وعلاقة التعاون في مجال التعليم شاهد آخر سواء في مجال التعليم العالي حيث تبادل البعثات الدراسية ليتخرج أجيال من شباب البلدين بصياغة سعودية بحرينية مشتركة، ناهيك عن انتداب المعلمين السعوديين إلى البحرين، أما في مجال الصحة فتبادل الخبرات مفتوح في مجال تدريب الأطباء، وتبادل فرصة معالجة المرضى يعبر عن مدى آفاق هذا التعاون، والواقع أن آفاق التعاون والعمل المشترك عميقة في جميع المجالات سواء المجال الاقتصادي والأمني والدفاع تلك المشاهد التي تعكس مستوى التعاون والعمل المشترك ليعزز الصورة الذهنية العريقة بأن هاتين المملكتين هما بلد واحد يربطهما وحدة المصير.

ويأتي مشروع "تكامل" الذي يعزز تلك العلاقة العريقة، فيرسم مسارات التعاون والتنسيق المشترك بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية بفضل الرؤية الملكية السامية والنهج الحكيم لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظَّم، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، حفظهما الله ورعاهما.

حيث كان لمجلس التنسيق السعودي البحريني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية، حفظهما الله، مخرجات تعزز مسار التنمية، وتضيف للإنجازات التاريخية المشتركة بين البلدين في جميع المجالات.

ولنا وقفة أما أحد هذه المخرجات الهامة وهي فتح باب التسجيل للمنشآت السعودية الراغبة في تسجيل منتجاتها في برنامج القيمة المحلية المضافة في الصناعة "تكامل"، فهذا المسار التعاوني يعزز علاقة التكامل في المجال الاقتصادي والتجاري بين البلدين الشقيقين، ومما لا شك فيه فإن إنجازات المجلس التنسيقي السعودي البحريني تعزز العلاقة التاريخية العريقة بين البحرين ويكمل مسيرتها، لتكون الرياض والمنامة جسداً واحداً وقد أوجز الشاعر غازي القصيبي رحمه الله هذه العلاقة ببيت من الشعر حين قال:

نسيت أين أنا إن الرياض هنا

مع المنامة مشغولان بالسمر

فآمالنا كبيرة في إنجازات هذا المجلس، فمسيرته خرجت عن القالب التقليدي في تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة، كون هذه العلاقة تقوم على أسس رصينة، وثوابت لا تتزحزح، حفظ الله أوطاننا وحماها من كل مكروه.. ودمتم سالمين.