يوماً بعد الآخر، يقدم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، القدوة والمثل الأعلى لكل الإنسانية، أفراداً ومنظمات ومؤسسات ودولاً، في العمل الدؤوب لنشر السلام والخير والتسامح بين الإنسانية، حتى يعيش العالم في سلام وتضامن، ومهما تنوعت أجناسهم وتعددت ألوانهم ودولهم، فهذه شيم القادة الكبار المحبين للخير لبني البشر، والذين يسجل التاريخ الإنساني أسماءهم بحروف من نور. من هنا كانت جائزة الملك حمد للتعايش السلمي حلقة مضيئة في سلسلة الجوائز والأعمال الخيرية العالمية لكل الإنسانية التي تشرف بحمل اسم صاحب العظمة.
إن أهداف هذه الجائزة هي تعبير حقيقي عما حث عليه ديننا الإسلامي الحنيف لنشر السلام والمحبة بين بني البشر جميعاً أياً كانت ديارهم وبلادهم، فقد ذكر الحديث الشريف «عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلَا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»، رواه مسلم.
كما تتواءم الجائزة كذلك مع الأهداف الإنسانية للعالم في نشر قيم التعايش والتسامح الذي أجمعت عليه كل دوله في ميثاق الأمم المتحدة حين أقرت مبدأ التعايش السلمي، مؤكدة في ميثاقها عام 1946 «أنها قامت لإنقاذ الأجيال المتعاقبة من ويلات الحروب»، لذلك فإن الجائزة وأهدافها النبيلة تعمل على نشر هذه القيم العليا الواردة في هذا الميثاق، والتي يأتي في مقدمتها نشر السلام والتعايش السلمي بين البشر، ولا شك أن هذا الإطار الإنساني الذي تستهدفه الجائزة يعمل على تحقيق الخير للإنسانية كافة.
كما تعكس الجائزة رغبة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم في انفتاح البحرين على العالم وحضاراته وثقافاته، بحيث يحدث الامتزاج الثقافي والحضاري، وخاصة أن البحرين دولة صاحبة حضارة ضاربة بجذورها لأكثر من 3000 عام، وهو ما يؤكد رؤية البحرين التي تؤمن بخط ثابت في سياستها الخارجية، خط يؤكد على تعزيز السلام العالمي والتعايش المشترك بين البشر والحضارات الإنسانية.
كذلك تؤكد الجائزة على تلاقي الحضارات وحوار الحضارات وتكامل الحضارات؛ لأنه كلما زاد التقارب الثقافي والحضاري بين أبناء البشر، سعى العالم لنبذ التطرف والعنف والكراهية وحافظ على مكتسباته الإنسانية في كل البلدان؛ لأن هذه الدول والشعوب سيكون بينها سلام وتعاون وتقارب حضاري وثقافي، ولا يمكن أن تقوم بينها صراعات أو حروب، وسوف تلتقي هذه الدول وهذه الحضارات عند القواسم المشتركة فيما بينها وتعلي من القيم التي تؤمن بها، وفي مقدمتها قيم السلام والمحبة والتقارب؛ لأن هذه هي الفطرة التي خلق الله البشر عليها.
لقد اتخذت هذه الجائزة الطابع الدولي، من أجل أن تفتح الطريق لكل البشر من كل دول العالم كي يشاركوا فيها، وهذه قيمة مضافة لها، فلم تقتصر على جنس معين أو دين محدد أو حضارة معينة، إنما فتحت ذراعيها لكل بني البشر كي يدخلوا في فكر السلام والمحبة والتعايش والتقارب الحضاري والثقافي، وهذا الفكر إن دل على شيء فإنما يدل على رغبة مملكة البحرين في مواجهة العنف بالرحمة والحروب بالسلام والنزاع بالتقارب والاختلاف بالتعايش وهذه أسمى ما تسعى له البشرية في حل نزاعاتها ومشاكلها وخلافاتها أياً كان نوعها.
لقد قدمت البحرين نموذجاً عالمياً في حوار الحضارات، بات مرجعاً مهماً لكل المحبين للسلام والداعين لفكر حوار الحضارات والأديان والثقافات، هذا النموذج يجعل الإنسان في كل مكان وفي كل بلد وأياً كان لونه أو عرقه، يفخر بفكر جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، الذي لا يألو جهداً في نشر السلام بين البشر، مهما تنوعت ثقافاتهم وأديانهم وحضاراتهم، ولأنه نموذج يسعى لتثبيت قيم التعايش وغرس التسامح والإخاء بين الإنسانية، ونبذ كل أشكال التطرف والكراهية والحقد فيما بينهم، فكل التحية والحب والفخر بملك السلام والتسامح الذي يقدم القدوة دائماً للإنسانية.
* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال