أصبحت مصطلحات مهمة مثل؛ الشرف والعيب أو حتى معاييرها، غير محددة بوضوح في هذه الأيام الصعبة التي نعيشها. قيل لحكيم الصين المشهور، كونفوشيسوس؛ ما هو أول شيء تعلمه إذا أصبحت إمبراطوراً للصين؟، قال: أطلب من الناس أن يحددوا معاني الكلمات.
هذه اللفتة الحكيمة من هذا الحكيم الكبير لم تتم مراعاتها إلى الآن. فالناس على اختلاف ثقافاتهم وهوياتهم وأديانهم، مازالوا في اختلاف وصراع حول المراد بالمصطلحات المتداولة؛ فالشرف كلمة رجراجة، والعيب يجتهد العرف في تحديد معناه، والحسن والقبيح ذوق اجتماعي يختلف من مجتمع إلى آخر.
لكن بالنسبة لنا كعرب ومسلمين فإن المعيار الصحيح والمتفق علية هو القرآن الكريم والسنة المطهرة، وكذلك ما قال به علماء الأمة المعروفون بوعيهم للأمور، وأخيراً عقولنا التي جعلها الله منارات الهدى لنا.
فإذا غاب المعيار الصحيح أو غيبه الناس أو اختلف وتعدد وتشابه على شبابنا؛ فإن الانحراف ينتشر، وذلك بسبب الجهل بمعاني العفة والتقوى والطاعة والولاء، والطيب والخبيث، والأصيل والدخيل، والخطأ والصواب، ويمكننا أن نرى في ما حولنا كثيراً من الأمثلة حول اختلاف هذه المفاهيم، وسأعرض هنا بعض المشاهد..
«المشهد الأول».. حينما نشاهد في وسائل الإعلام المختلفة -خصوصاً الحديثة منها- زواج المثليين في الغرب، فنرى رجلين متقابلين وبينهما رجل قس، وجمهوراً غفيراً أمام مسرح مبهرج بالزينة ويعج بالناس وقد اشرأبت أعناقهم وتطاولت أياديهم لالتقاط صور أول زواج علني رسمي في الولايات المتحدة الأمريكية، وحين الإعلان عن انتهاء مراسم زواجهما رسمياً تعالت أصوات الجمهور والحضور؛ مرة بالتصفيق وبالتصفير مرة أخرى.
«المشهد الثاني».. نشاهد رجلين متقابلين على منصة مسرح وقد مد أحدهم سبابته يعلن أمام الجميع نطقه الركيك باللغة العربية بالشهادتين بمعونة الشيخ يقوم بتلقينه ويردد الآخر بالمثل. تتعالى الأصوات بالتكبير والتهليل، وبعد الانتهاء يدعو الشيخ بالتهنئة المباركة لدخول هذا الأجنبي إلى الإسلام بعد أن هداه الله إلى طريق الحق والهداية.
مفارقات كبيرة واتجاهات لها منحنيات خطيرة، خاصة حينما أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكماً وصف بأنه تاريخي، يقضي بمنح الحق للشواذ جنسياً بالزواج في كافة أنحاء الولايات المتحدة «هو الحكم الذي وصفة أوباما بأنه انتصار لأمريكا وانتصار للحب».
«المشهد الثالث».. صور انتشرت عن طريق الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، صور للخزي والعار لشاب خليجي في حضن شاب أمريكي معلنين زواجهما، وصورة أخرى لفتيات تركيات متحجبات في العشرينات يعلن زواجهن، عدا عن الكثير من الصور والأفلام التي انتشرت، والتي تقشعر منها الأبدان لمنظر «عجائز» رجالاً ونساء مثليين يحتفلون بزواجهم.
«المشهد الرابع».. علم قوس قزح الذي طالما كنا نفرح برؤيته ونضع أمانينا في كل لون من ألوانه، وهو رمز الحياة والطاقة الإيجابية والأمل والتفاؤل، تم تشويه صورته، وشوهت أحلامنا ودنست أفكارنا بعلم الخزي والعار والذي أطلق عليه لقب «علم الفخر»، احتفالاً بزواج المثليين في جميع الولايات الأمريكية، كما أقرت هذا القرار سابقاً إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية.
وأخيراً؛ ما هو دورنا نحن في خضم تقلبات الدهر وفي خضم تيارات ملوثة دخيلة على الإسلام والعرب، والتي ستدمر البشرية والإنسانية والأخلاقية، بل ستدمر نسل البشرية إلى الأبد؟ سؤال برسم الإجابة..