محمد نصرالدين

إشكالية إيران في استغلال القضية الفلسطينية
البحرين هيّأت كل السُبل لاستضافة قمة عربية ناجحة بتوافقات وقرارات فعالة
قمة البحرين أعادت الحيوية لجامعة الدول العربية ودورها في قضايا العرب
الوضع فى غزة لا يحتمل التأجيل إلى ما بعد انتخابات رئاسة أمريكا


أكد الكاتب والمحلل السياسي عبدالوهاب بدرخان أهمية مبادرة مملكة البحرين بتبني الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام تستضيفه المملكة برعاية الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تكتسب أهميتها في ظل ما تتمتع به مملكة البحرين من علاقات طيبة على المستويين الاقليمي والدولي ومع الدول الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ما يتيح لها إمكانية التواصل والتباحث مع الأطراف الدولية الفاعلة بشان تفعيل هذه المبادرة وإنجاحها.
وقال في حوار مع «الوطن» بالمركز الإعلامي خلال انعقاد القمة العربية إن مملكة البحرين هيأت كل السبل لاستضافة قمة عربية ناجحة تتعاطى مع كل القضايا والملفات العربية الأكثر إلحاحاً في هذه الفترة، وأن يكون هناك نقاش مثمر بين الدول العربية يسفر عن توافقات على قرارات فعالة.
واشار إلى أن القمة العربية في مملكة البحرين أظهرت أن العرب ما زالوا قادرين على أن يتخذوا قراراتهم بالإجماع، وأكدت على التزام الدول العربية تجاه قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية، حيث أظهرت القمة موقفاً عربياً موحداً لوقف إطلاق النار في غزة، كما بلورت موقفاً عربياً واضحاً تجاه حث المجتمع الدولي على تبني مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية.
وشدد على أهمية إسراع الدول العربية في التحرك والضغط لمعالجة الوضع في غزة وتسوية القضية الفلسطينية برمتها، عبر تحركات وتدابير عاجلة خلال الشهرين المقبلين، قبل الانتخابات الرئاسية الامريكية؛ لأن الوضع في غزة لا يحتمل تأجيله لما بعد هذه الانتخابات وما ستسفر عنه من نتائج.
وقال إن التوتر الأخير بين إيران وإسرائيل، ليس إلا جولة من الصراع الممتد بين الطرفين، وسيستمر هذا الصراع، مشيراً إلى أن إشكالية إيران أنها تستثمر في استغلال القضية الفلسطينية ولا تستثمر في حلها، وتريد أن تكون عبر هذه القضية طرفاً رئيسياً بطاولة المفاوضات الشرق أوسطية، وليس هناك أي توافق إقليمي، أو حتى دولي، على أن يكون لإيران مثل هذا الدور بأي مفاوضات مرتقبة حول المنطقة، وخاصة أنها لا تعترف بحل الدولتين. وفيما يأتي نص الحوار:
خلال حضوركم تغطية القمة العربية.. كيف رأيتم استضافة وتنظيم مملكة البحرين لهذه القمة المهمة؟
- البحرين هيأت كل الظروف بأن تكون قمة عربية ناجحة تستطيع أن تتعاطى مع كل القضايا والملفات العربية الأكثر إلحاحاً في هذه الفترة، وأن يكون هناك نقاش مثمر بين الدول العربية يسفر عن توافقات على قرارات فعالة.
كيف تقيمون نتائج القمة في ضوء القضايا والتحديات الحالية على الساحة العربية؟
-القمة العربية في البحرين أظهرت أن العرب ما زالوا قادرين على أن يتخذوا القرارات بالإجماع، كما أكدت على التزام الدول العربية تجاه قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية، فهناك التزام سياسي وأخلاقي عربي تجاه هذه القضية أظهرته بوضوح مخرجات هذه القمة.
ما مدى أهمية مبادرة مملكة البحرين بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام؟
- مبادرة مملكة البحرين بتبني الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام تستضيفه المملكة برعاية الأمم المتحدة، هي مبادرة مهمة جداً، ومن اللافت أن تتبنى الدولة المضيفة للقمة العربية مثل هذا المطلب المهم، وهي تعلم أن تعقيداته كبيرة، ومملكة البحرين أعلنت عن هذه المبادرة المهمة وحظيت بتأييد كبير من جانب القادة العرب وجامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط الذي عبر عن تأييد هذه الدعوة من جانب مملكة البحرين لعقد مؤتمر دولي للسلام.
وتكتسب هذه المبادرة أهميتها في ظل ما تتمتع به مملكة البحرين من علاقات طيبة على المستويين الإقليمي والدولي والدول الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ما يتيح لها إمكانية التواصل والتباحث مع الأطراف الدولية الفاعلة بشأن تفعيل هذه المبادرة وإنجاحها.
ماذا عن الموقف العربي في القمة تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة؟
- قمة البحرين أظهرت موقفاً عربياً موحداً لوقف إطلاق النار في غزة، وجاء هذا الموقف متواكباً مع التطلعات العربية؛ لأن العالم العربي حالياً متأثر جداً بما يحدث في غزة، وبالتطورات التي وصلت إليها القضية الفلسطينية عموماً، وهو واقع ترى فيه كل الدول وكل الشعوب أنه وضع مأساوي وقاسٍ، وفي ضوء ذلك فإن القمة استجابت لهذا الموقف الشعبي العربي بشأن الحرب على غزة، من خلال البحث والتوافق على الرد السياسي المناسب، وهذه الاستجابة كانت مهمة جداً لأنها أبرزت مجدداً موقفاً عربياً موحداً يطالب بوقف الحرب فوراً، وبمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة، في ظل الأزمة الإنسانية الكبيرة وما يتعرض له أهل غزة من قصف وتجويع ومحاولات للتهجير، كما بلورت القمة موقفاً عربياً واضحاً تجاه حث المجتمع الدولي على تبني مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية.
برأيكم هل أسهمت قمة البحرين في تفعيل دور الجامعة العربية وآلياتها تجاه القضايا والتحديات العربية المهمة؟
- قمة البحرين أظهرت أن جامعة الدول العربية هي المكان الوحيد الذي يمكن أن يوحد الآراء العربية، ونحن دائماً نتطلع إلى أن تقوم الجامعة العربية بأدوارها الحيوية والفاعلة تجاه القضايا العربية، وعندما يتم الإعلان عن مبادرة البحرين بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام، وأن تأتي هذه المبادرة المهمة عبر القمة العربية وفي إطار جامعة الدول العربية، في ظل ما يقوله البعض إن الجامعة لا تُنتج الكثير، وفي ظل هذا المشهد الإقليمي المعقد، أعتقد أنه موقف معبر ومهم ويحسب للجامعة العربية، وكذلك موقف جامعة الدول العربية برفض «الترانسفير» أو التهجير القسري بخروجه بموقف موحد من الدول العربية هو مهم جداً، وهي كلها مواقف مهمة ومطلوبة من الجامعة العربية.
ما تأثير نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة على الأوضاع في المنطقة؟
- اليوم الدور الأمريكي هو الأكثر تأثيراً بالشرق الأوسط وفي العالم بأسره، وأمريكا مقبلة على الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في نوفمبر القادم، والعالم يترقب نتائج هذه الانتخابات لما لها من تأثير كبير على مجمل القضايا الدولية، وبالنسبة لتأثير الانتخابات الأمريكية على القضية الفلسطينية، إذا عاد الرئيس الحالي جو بايدن، وفاز بولاية ثانية فلا بد أن تكون إدارته ملزمة بما تحدثت عنه بشأن إقامة دولة فلسطينية، واعتبرت أن هذا لا بد أن يكون هو هدف أي حل في المنطقة، وعندها يمكن أن نقول إن هناك مساراً معيناً للتفاهم مع الإدارة الأمريكية يمكن أن يؤدي إلى دولة فلسطينية. أما إذا عاد الرئيس السابق دونالد ترامب فسيكون متأثراً أكثر بالمتطرفين الإسرائيليين، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، وبالتالي لن يكون متحمساً للمضي في موضوع الدولة الفلسطينية. لا أعتقد بطبيعة الحال أنه إذا عاد ترامب فسيعود بنفس السياسة الخارجية حرفياً التي كان يطبقها؛ لأن الظروف تغيرت، وقطعاً ستأخذ إدارته في الاعتبار التغيرات التي حصلت بالمنطقة في السنوات الأخيرة، لكن لا نعلم كيف ستكون سياسته تجاه هذه التغيرات وبالطبع لا يمكن التكهن منذ الآن، إنما الأكيد أن ولاية ثانية لترامب لا يمكن أن تكون نسخة طبق الأصل من الولاية الأولى حتى لو ظل الرجل نفسه وأفكاره هي نفسها.
وهناك مخاوف بالطبع من عودة ترامب تتعلق بموقفه من القضية الفلسطينية، ولذلك ينبغي على الدول العربية مع تمسكها بحل الدولتين، أن تكون هناك تحركات وتدابير أو تسويات خلال الشهرين المقبلين، ولا ينبغي للوضع في غزة أن يستمر أشهراً مقبلة، لأنه عملياً وإنسانياً موضوع غزة بما فيه من تعقيدات، لا يحتمل تأجيل تسويته لما بعد الانتخابات، وهذا الأمر ينطبق على تسوية القضية الفلسطينية برمتها، وعموماً أعتقد أنه في حال عاد بايدن يمكن أن يكون هناك متابعة للسياسة الحالية، أما ترامب فسيغير السياسة الخارجية.
أما بالنسبة لتأثير الانتخابات الأمريكية على الموقف مع إيران، فإنه في حال عاد ترامب، ربما يطيح بكل الانفتاح الأمريكي مع إيران، ويعود إلى السياسة المتشددة مع طهران التي تبناها خلال ولايته الأولى، مع توجهه إلى فرض مزيد من العقوبات عليها مجدداً، كما ألغى الاتفاق النووي في السابق.
بالحديث عن إيران، كيف قرأتم التوتر الأخير بينها وإسرائيل، وانعكاسات ذلك على المنطقة؟
- ما حدث ليس إلا جولة من الصراع الممتد بين الطرفين، وقبل أيام قال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد، والإشكالية فيما يتعلق بالموقف الإيراني من القضية الفلسطينية أن إيران تستثمر في استغلال هذه القضية، ولا تستثمر في حلها، وهي تريد أن تكون هي من يفرض الحلول، أو من يعطي رأيه في الحلول، وتريد أن تكون عبر هذه القضية طرفاً رئيسياً بطاولة المفاوضات الشرق أوسطية، وحتى الآن ليس هناك أي توافق إقليمي، أو حتى دولي، على أن يكون لإيران مثل هذا الدور بأي مفاوضات مرتقبة حول المنطقة، لأنه ببساطة إيران لم تقل أبداً إنها مع حل الدولتين، وإنما هي تريد أن يكون هناك كيان فلسطيني محارب مقاوم بقيادة فصائل المقاومة التي أنشأتها وفرختها، وفي ضوء ذلك أعتقد أن الصراع بين إيران وإسرائيل سيظل قائماً وممتداً، وستكون هناك جولات أخرى.