نتحدث اليوم عن شيء كبير يحدث في البحرين، ألا وهو زفة شهداء أبنائها إلى جنة الخلد بإذن الله، جنود قوة دفاع البحرين الذين شاركوا تحت راية التوحيد في الدفاع عن الأمة، فسقط 8 شهداء من أبنائها، ولا ننسى كذلك الشهداء من رجال الأمن في البحرين الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل سلامة البحرين وأمنها، ولن ننسى كذلك الشهيد الضابط الإماراتي طارق الشحي الذي سقط شهيداً على أرض البحرين حين باغتته يد الغدر وهو يشارك إخوانه من رجال الأمن في حراسة المناطق من إرهاب الميليشيات الإرهابية.
إنها أسماء خالدة وستظل ساطعة في سماء البحرين تتلألأ كالنجوم، إنهم أبناؤنا الذين تعطرت اليمن وأرض جازان بالمملكة العربية السعودية بدمائهم الزكية، وأبشروا يا أهلهم - ونحن جميعاً أهلهم - بالبشرى التي تنتظر أبناءنا، إنها جنات يتقلبون فيها، لو خيروا بينها وبين العودة إلى الدنيا لاختاروا العودة، لا للعيش بين أهلهم وأحبابهم، بل للعودة لكي يقاتلوا في سبيل الله ثانية، وها هي تفاصيل البشرى تزف إليكم، فبعد استشهاد عبدالله بن عمرو بن حرام في غزوة أحد، جاء ابنه جابر فقال: جئت إليه وقد مثل به، فجعلت أبكي، وجعل القوم ينهونني، ورسول الله صلى الله عليه لا ينهاني، قال: فجعلت فاطمة بنت عمرو «عمتي» تبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبكيه أو لا تبكيه، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه»، كما قال جابر بن عبدالله: نظر إلي رسول الله فقال: «ما لي أراك منكسراً مهتماً؟ قلت: يا رسول الله، قتل أبي وترك ديناً وعيالاً، فقال: «ألا أخبرك؟ ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحاً، فقال: يا عبدي، سلني أعطك، فقال: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقاتل فيك ثانية! قال: إنه قد سبق مني أنهم لا يردون إليها ولا يرجعون: قال يا رب، أبلغ من ورائي»، فأنزل الله تعالى: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء»، فهذه البشرى، وهذا الصبر والسلوان لقلوبكم يا أهل وذوي الشهداء بإذن الله.
اليوم الأمة تمر بمرحلة التمحيص والتمييز بين الخبيث والطيب، وهذه سنة الله في خلقه في كل عصر وزمان، إنه التمحيص الذي طفحت فيه النفوس النتنة على السطح ليقذفها الله ويذهب بها كما يذهب بزبد البحر جفاء، ليمكث الصالح منها في الأرض ومن الصالح يذهب إلى الجنة إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وها قد جاءت الآجال في أحسن الخواتم، حين يزف الشهيد وقلوب أهل الدنيا قد ملئت محبة ومودة له، فما أروعها من حسن خاتمة حين يتحرك لسان المسلمين بالترحم عليه وطلب المغفرة له، جنودنا البواسل ورجال الأمن رحمهم الله وتقبلهم سبحانه مع الشهداء والصديقين ومرافقة رسول الله صلى الله عليهم وسلم في الفردوس الأعلى، وأبدلهم الله بدار خير من دارهم، وأهل خير من أهلهم، فلا تحزنوا يا أمهاتهم وآباءهم، فإن أبناءكم أحياء عند ربهم يرزقون، وما نحن اليوم في الدنيا إلا في محطة استراحة لنذهب إلى ما ذهبوا إليه، ولكن الفرق بينا وبينهم أنهم نالوا حسن الخاتمة التي لا نزال نسأل الله مثلها.