«جسر الملك سلمان»، حلم طال انتظاره في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، يعزز العلاقات الاستراتيجية والدولية، في فترة عصيبة يمر بها عالمنا العربي، وسيربط الجسر بين دولتين هما القلب النابض للقارتين الآسيوية والأفريقية.
وفي حدث تاريخي، تم الإعلان عن إنشاء الجسر خلال الزيارة الرسمية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لمصر، وحسب التقارير المتداولة فإن إقامة الجسر ستكون خلال فترة زمنية لا تتجاوز 7 أعوام، حيث تبلغ مساحة الجسر الاستراتيجي المزمع تشييده 50 كيلومتراً، ليكون مساره الجغرافي ماراً بمنطقة تبوك إلى جزيرة صنافير ثم جزيرة تيران ثم إلى منطقة النبق، النقطة الأقرب لسيناء. وتبلغ قيمة الميزانية المقدرة لتنفيذ الجسر 4 ملايين دولار، ليتيح 140 ألف فرصة عمل للمصريين أثناء فترة التنفيذ و16 ألف فرصة عمل بعد الانتهاء من تنفيذه.
وفكرة تشييد الجسر ليست جديدة، فوفقاً لمراقبين ومحللين، كانت الفكرة محل طرح من الرياض من قبل، لكن الرئيس السابق حسني مبارك تردد كثيراً في تنفيذ الفكرة ولم يكن متحمساً لها خوفاً على السياحة وعلى المشروعات السياحية في شرم الشيخ وربما - حسب ظنه وقتها - أن الجسر من الممكن أن يفسد الحياة الهادئة التي تحظى بها المدينة السياحية، الأمر الذي اعتبره مراقبون خطأً استراتيجياً. إلا أن فكرة الجسر البري حظيت بموافقة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حيث تحمس للفكرة واعتبر أن الجسر يشكل انتعاشاً اقتصادياً ويخلق فرص عمل ويعمل على تقوية العلاقات الدولية والاستراتيجية بين البلدين.
ولا شك في أن الاتفاق على إنشاء الجسر يعد فاتحة خير على «أم الدنيا»، ودعم يشهد له التاريخ من قبل المملكة العربية السعودية، حيث تم خلال زيارة خادم الحرمين لمصر التوقيع على 36 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 25 مليار دولار، ومن ضمن تلك الاتفاقيات وأهمها بناء جامعة باسم الملك سلمان في سيناء وتطوير مستشفى القصر العيني حيث تعد هذه الاتفاقية خطوة مهمة في دعم المجال الطبي بالقصر العيني الذي يكفل العلاج الطبي لشريحة كبيرة من المجتمع المصري، وبناء تجمعات سكنية ومحطة كهرباء غرب القاهرة. وفيما يتعلق أيضاً ببناء الجسر، فإنه من المخطط والمتوقع له أن يرفع نسبة التبادل التجاري بين القارات وينعش الاقتصاد بطريقة غير مشهودة من قبل. كما سيقلل من تكلفة الحج ويزيد عدد الحجاج عن طريق الحج البري، وسيتم مد أنابيب النفط السعودية إلى البحر المتوسط عن طريق خط أنابيب «سوميد» المصرية.
ويرى مراقبون أن إسرائيل المعترض الأول على ذلك البناء البري لأنه يهدد حركة الملاحة الإسرائيلية من البحر الأحمر إلى ميناء إيلات وربما تعتبره مخالفاً لمعاهدة كامب ديفيد.
وقد انشغل الرأي العام على منصة «تويتر» بالتغريد حول الحدث الأهم في القارتين الآسيوية والأفريقية، فلم يكتفِ المغردون بالحديث فقط عن جسر الملك سلمان، وإنما غرد عدد من المثقفين والسياسيين حول لقاء العاهل السعودي بالبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية والأقباط الأرثوذكس وبطريرك الكرازة المرقسية، مما يؤكد على توطيد العلاقات الدينية والسياسية الدولية.
لاشك في أن زيارة خادم الحرمين إلى مصر تعد زيارة تاريخية حظيت باهتمام رسمي وبرتوكولي وشعبي كبير، وأسست لعودة محور الرياض القاهرة بقوة لسابق عهده، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من توترات، وكما رأى سياسيون فإنها رسالة قوية إلى أمريكا التي تزعم دائماً أنها صاحبة الحل الأمثل والوحيد لقضايا الأمة.