تتغير الكثير من جوانب الحياة الإعلامية تبعاً لتطورات وسائل الاتصال، بيد أن التقنيات الإلكترونية الحديثة رسمت صورة مختلفة لعالم جديد، لعل من أبرز خصائصه وفرة المعلومات وكثافتها وتدفقها بسهولة وسرعة فائقة، فضلاً عن التنوع في استخدام تلك المعلومات، والتحكم في مساراتها وتوجهاتها، ودائماً ما تطلعت إدارات الصحف لطرق ووسائل جديدة من أجل الاستفادة من تقدم التكنولوجيا لتحسين الأدوات التي تكشف صفحاتهم بها عن أخبار، والسبل التي تنتج بها أيضاً هذه الصفحات. بالتالي فإنهم يستطيعون تخفيف نفقاتهم بشكل مستمر، ومع ذلك فإن المعلومات التي بدأت في الظهور بحلول منتصف القرن الماضي لم تخلق فقط الفرص لانتشار الصحف وأعمالها بشكل عام، ولكنها بشرت بالمجتمع المعلوماتي والإعلامي الجديد الذي نعيشه اليوم. وبذلك جاءت الصحافة الرقمية «الإلكترونية» لتكون وسيلة اتصال جماهيرية أضيفت إلى سابقاتها من الوسائل الأخرى وتأخذ دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية معتمدة على التكنولوجيا الحديثة، المتمثلة بالشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، الذي ساهم في خلق بيئة إعلامية ذات خصائص مختلفة تغيرت من خلالها الأدوار التقليدية للمرسل والمستقبل، وأدت إلى ضرورة صياغة الرسائل الاتصالية بما يتفق وهذه البيئة ذات الوسائط المتعددة.
مما لاشك فيه أن صحافة الإعلام الرقمي الجديد رسخت وجودها في فترة قصيرة نسبياً وأصبحت لها أساليبها ومعاييرها الخاصة بها. والأكثر أهمية أنها استطاعت أن تستقطب قاعدة جماهيرية واسعة متعددة الاتجاهات والثقافات على حساب الصحافة التقليدية، وهذا ما تعكسه العديد من المؤشرات، منها النمو الهائل في أعداد الصحف والمواقع الإخبارية ذات الصلة بمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، وكذلك إنشاء وسائل الإعلام والصحف التقليدية مواقع وحسابات لها على المنصات السوشلية وراحت بالتالي تقدم موادها ومعلوماتها وخدماتها للجمهور، وتفسح لهم مجال المشاركات المباشرة والفورية على مواقع السوشال ميديا مثل «تويتر». والأهم هو هرولة الصحافة التقليدية «المطبوعة» لاستعارة بعض من خصائص الصحافة الإلكترونية لغرض المواكبة والمنافسة.
إن أهم ما يميز الصحف الرقمية الإلكترونية عن التقليدية هو السرعة في تلقي الأخبار العاجلة، وتضمين الصور والأفلام المصورة «الفيديو» مما يدعم مصداقية الخبر، وسرعة تداول الأخبار بسرعة فاقت سرعة الصحافة الورقية التي يجب انتظارها حتى طباعتها صباح اليوم التالي للخبر. وكذلك حدوث تفاعل بين القارئ والكاتب أو الصحافي حيث يمكنهما أن يلتقيا في التو واللحظة معاً، والمشاركة وتبادل الآراء، وهذا ينمي قلم الكاتب أو الصحافي وفكره لأنه يتابع باستمرارية وبصورة مباشرة الرأي العام. وتأكيداً لذلك، فإن صحافة الإعلام الجديد تسمح بسرعة تعديل وتحديث الأخبار، وتسمح لها بتوفير أرشيف وقاعدة بيانات للصحيفة والصحافي بكل وقت. ومن المشهود أيضاً أن هذه الصحافة استطاعت تخطي الحدود المحلية والدولية.
لكن رغم انتعاش الصحافة الإلكترونية إلا أنها تواجه بعض المخاطر، مثل غياب التخطيط الصحيح للنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتطلب مختصين في النشر الإلكتروني، وعدم وضوح رؤية ثابته فيما يتعلق بمستقبل الإعلام الرقمي، حيث إن مواقع وتطبيقات السوشال ميديا تتجدد على مدار اللحظة، خاصة في ظل عدم تحديد الضوابط القانونية المتعلقة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي وإدراج كل ما يتعلق بالاستخدام الرقمي تحت مظلة الجرائم الإلكترونية، وهذا يشكل تحدياً كبيراً لكيان الصحافة الإلكترونية.