لم تعد منصات التواصل الاجتماعي «السوشال ميديا» مساحة لإضاعة الوقت والتسلية مثل ما كان الحال في العشر سنوات الماضية، ففي كل عام مع تطورها تزداد أهميتها سواء لمعرفة آخر الأخبار، أو للتواصل مع صناع القرار، أو للتفاعل مع الآخرين، بالإضافة إلى أعمال التسويق والعلاقات العامة من خلالها.
سيتغير حال «السوشال ميديا» مع نهاية العام الحالي، وستحمل بداية العام المقبل 2017 في جعبتها الكثير من التغيرات على الساحة السوشالية، مما سيؤثر على مستخدميه على الصعيد الشخصي والمهني وسيؤثر أيضاً على العلامات التجارية. فما التغيرات المتوقع حدوثها في عالم الإعلام الرقمي «السوشال ميديا»؟
إن كل من يعمل في مجال وتخصص الإعلام الإلكتروني يلاحظ الانخفاض الملحوظ في وصول المحتوى الذي ينشر على مختلف منصات «السوشال ميديا» لمختلف المتابعين لتلك المواقع الاجتماعية، وخاصة على موقع «فيسبوك». وهذه النسبة ستنخفض أكثر وأكثر بحلول العام المقبل على وجه التحديد. ما يعني أن المؤسسات وأصحاب الأعمال على وجه التحديد عليهم تخصيص ميزانية أكبر مما هي عليه اليوم لنشر أعمالهم ومنشوراتهم وإعلاناتهم. فقد ذكر خبراء الإعلام الاجتماعي والرقمي أنه من المتوقع أن تصل كلفة الإعلانات بشكل عام العام المقبل إلى نحو 70 مليار دولار! وهذا الرقم يعني أن الإعلانات والنشر على «السوشال ميديا» يتجاوز الإنفاق على الإعلانات التلفزيونية لأول مرة في التاريخ.
ومن متطلبات التغيير الجديد الذي سيحل على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر المحتوى البصري «الفيديو» بصورة أكبر وأكثر، حيث سيكون التركيز الأساسي على محتوى الفيديو، خاصة للفئة العمرية المسيطرة على منصات التواصل الاجتماعي التي تتراوح أعمارهما بين 20 إلى 25 عاماً، والتي تسمى في قطاع الإعلام الرقمي «Millennial»، وبوجود منصات تواصل تعتمد على الفيديو مثل «السناب شات» و«البيرسكوب» و«الفيسبوك» الذي تتجدد تقنية الفيديو به على مدار الساعة، لتصبح الحاجة أكثر إلحاحاً لنشر محتوى بصري بصورة رئيسة أكثر مما كانت عليه في السابق.
ومن المتفق عليه أيضاً بين خبراء الإعلام الرقمي أن التكنولوجيا الرقمية ستكون أسرع، وهذا ما سيشكل عبئاً، خلافاً عن أي وقت مضى، خاصة على العلامات التجارية والشركات، حيث إن المعلومة الأقوى هي التي ستكون الأسرع في انتشارها. والجدير بالذكر أن العامل الرئيس لإبراز محتوى «السوشال» بشكل أسرع هو ظهور المنصات التي تعتمد على البث الحي المباشر للمحتوى الإلكتروني أو للمادة الإعلامية المقدمة. وأقوى مثال على ذلك هو برنامج «بيرسكوب»، حيث إن مستخدمي هذه المنصة يستهلكون ما يعادل 40 سنة من الفيديو في يوم واحد، مما يؤكد أهميتها.
النوعية ستكون على أرض الواقع أكبر وأهم من الكم، أي نوعية ما ينشر على المنصة الرقمية. فالمحتوى نفسه متوفر الآن من خلال العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال الكثير من المصادر. وهذا سيؤثر بشكل إيجابي على الطرف المستقبل للمحتوى والناشر له على حد سواء، بحيث سيهتم كلاهما بنوعية المادة المطروحة وليس فقط بكميتها، أي بكثرة ما يطرح ويقدم من محتوى. فالعام القادم سيكون بالفعل بداية لأعوام قادمة من الجودة والاحترافية في فضاء الإعلام الجديد.