يتميز عصرنا الحالي بأنه عصر الإعلام والاتصالات المرتبطة بالإعلام الاجتماعي الجديد، لما يمتلكه من قدرة على التأثير والإقناع، وتشكيل الأفكار، وصياغة الرأي العام، وسرعة الوصول للجمهور، فقد أصبح الإعلام ولا سيما الجديد عاملاً من عوامل التنمية وعنصراً متزايد الأهمية في التطويرالاجتماعي والثقافي وبالأخص السياسي.
ومما لاشك فيه، أن العالم العربي والغربي شهد نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي تطورات وتحركات سياسية كبيرة ما دفع الدول والحكومات إلى اللجوء إلى مختلف الوسائل والأساليب الإعلامية والاتصالية من أجل تحقيق غاياتها وأهدافها وتعميق مبادئها والترويج لأيديولوجياتها، فظهر الإعلام السياسي الذي يهتم بالجوانب والقضايا السياسية ويقوم بإحداث التأثير والتغيير في الآراء والأفكار والقناعات لدى الجمهور ويساهم في عملية صنع القرار السياسي، وصار يحظى باهتمام الوحدات والتيارات السياسية كونه المعبر عن فكرها وفلسفتها ونشاطاتها وتطورها وقدرتها على التأثير في الجمهور.
ومع ظهور وسائل الإعلام الجديد «السوشال ميديا»، وتطورها السريع وتحقيقها لنجاح مختلف ومتميز عن نجاح الإعلام التقليدي لما له من خصائص تميزه عن غيره، تطور الإعلام السياسي وبرز الإعلان السياسي. إذ أصبح يهتم بكيفية توظيف واستغلال تلك الوسائل في العملية السياسية، حيث يقوم بنقل وتحليل النشاط السياسي وإتاحة المجال أمام السياسيين والسلطات والمواطنين وقادة الرأي للحصول على المعلومات والبيانات وعرضها ونشرها وتوصيلها للجمهور، وتلقي ردود أفعاله نحو سياساتهم وقراراتهم ومواقفهم، مما يساعد في كل العمليات والخطوات المصاحبة لصنع القرار السياسي فضلاً عن اعتماد الجمهور عليها في تكوينه واعتقاده واتجاهاته ومواقفه المختلفة إزاء الأحداث والسياسات التي تقع داخل الواقع المحيط به.
وتسعى الدول على اختلاف الأنظمة السياسية القائمة فيها إلى استخدام وسائل الإعلام السوشالية والاتصالات لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لها، وفي مقدمة هذه الأهداف أهدافها السياسية سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي. وقد أصبح بالتالي الإعلان والإعلام السياسي على منصات الإعلام الاجتماعي الجديد عنصراً من العناصر المهمة في تقييم أداء السلطة والقائمين عليها، فالإعلام السياسي على «السوشال ميديا» يؤدي وظيفة سياسية مهمة، ويعمل على إحداث تأثيرات واقعية ومحتملة على عمل وسلوكيات الآخرين.
ومن هذه الزاوية، التي تلتقي فيها السياسة اليوم بالإعلام الاجتماعي وتكتسح منصاته بمختلف الأساليب والأفكار، حيث أنتجت لنا المواطن الصحافي والسياسي المعارض والمؤيد والمحلل السياسي، وغيرهم من الفئات المختلفة المتعلقة بالسياسة، يتوجب على كل أطراف المجتمع وبالأخص الأفراد من الجمهور المتلقي لمحتوى الإعلام السياسي على قنوات «السوشال ميديا» التعامل والتفاعل معها سواء بالتأييد أو العكس بأسلوب وفكر واع ومثقف وملم بالمادة السياسية، وأن يتفادى السلبية والتشويه للأمور، لأنه يمثل الرأي العام الذي بلا شك ينعكس على صورة الوطن أمام العالم في قنوات الإعلام الجديد الذي أصبحت السياسة اليوم جزءاً مهماً منه.