تصاعد الحديث مؤخراً عن التقنيات المالية «Fintech»، هذا ما تناوله المؤتمر العالمي السنوي الثالث والعشرون للصيرفة الإسلامية «WIBC2016» خلال الأسبوع الماضي في البحرين، فمثلما اكتسح عملاق النقل أوبر «Uber» قطاع النقل والتوصيل دون الحاجة إلى شراء سيارة واحدة، أكد الخبراء والمتحدثون الرئيسيون أن الشركات الحديثة والصغيرة للتقنيات المالية قادمة لا محالة لتنافس كبرى البنوك والمصارف. مصطلح القطاع نفسه يجمع بين قوتين لا يمكن التغافل عنهما في أي اقتصاد حديث، هما: تقنية المعلومات والاتصالات من جهة، والقطاع المصرفي والبنكي من جهة أخرى. إن ما يميز هذا القطاع الحديث هو استغلال آخر المستجدات في قطاع تقنية المعلومات وتسخيرها لابتكار حلول مصرفية وبنكية ذكية تنافس الخدمات المصرفية التقليدية من حيث الكلفة والسهولة.
ستجعل هذه التقنيات المالية الذهاب إلى البنوك لتخليص المعاملات أو للاقتراض أو لتحويل المبالغ -بل وجود البنوك نفسها- نسياً من الماضي. فعلى سبيل المثال، عوضاً عن الذهاب لأي جهة مصرفية يستطيع أي شخص أن يعلن عن حاجته للتمويل عن طريق أحد تطبيقات التمويل الجماعي مثل «gofundme»، وفكرة هذا التطبيق هو الإعلان عن حاجة أي فرد أو منظمة للتمويل لأي غرض، أكان للعلاج أو التجارة أو حتى السفر والنقاهة والحصول على التمويل من أشخاص أو المنظمات المهتمة أو المقتنعين بالغرض من هذا التمويل أياً كان. بالطبع هناك تطبيقات وخدمات في غاية التطور والتي تعتمد على الذكاء الصناعي لتحليل البيانات المالية وتوفير النصائح والإشارات التلقائية دون الحاجة لأي موظف أو خبير بنكي لتسهيل الاستثمار وشراء وبيع الأسهم.
أعمدة هذا القطاع الحديث مبنية على توفر الطاقات البشرية الموهوبة ورواد الأعمال القادرين على العمل في بيئة تحتضن الابتكار والإبداع. إن ما يلفت الانتباه هو تكرار المتحدثين خلال المؤتمر عن ضرورة وجود تشريعات وقوانين مالية ليس فقط لتنمية هذا القطاع بل لمساعدة رواد الأعمال لإعلان الخسارة والإفلاس. إن القوانين والتشريعات المالية وحتى طرق احتساب مخاطر التمويل التقليدية باتت لا تستطيع مواكبة المتغيرات في سباق التقنيات المصرفية. هذا ما أعلن عنه مصرف البحرين المركزي خلال المؤتمر بأنه بصدد إصدار تشريعات ذكية تواكب هذه المستجدات. إن ما تتميز به البحرين اليوم من بيئة مالية ترحب بالاستثمار وتاريخها العريق في القطاع المالي ورصانة قوانينها المالية والاستثمارية، يجعلها محط الأنظار لتبوء صدارة الدول في صناعة التقنيات المالية. البحرين كذلك تزخر برواد الأعمال ولا ينقصها الشباب القادر على العمل والابتكار، فبالتالي علينا اليوم أن نغتنم هذه الفرصة لجعلها مركزاً من مراكز التقنيات المالية.