شهدت البحرين عرساً إبداعياً على مدى ثلاثة أيام احتفلت فيه بالشباب المبتكر والمخترع. ففي جامعة البحرين، هذا الصرح الذي تفوح منه رياحين العلم وتنتشر بين مبانيه وفي داخل صفوفه نسمات المعرفة، عقد ملتقى جائزة سمو الشيخ خالد بن حمد لمشاريع التخرج، فبالإضافة إلى معرض للمشاريع المتميزة، اشتمل برنامج المنتدى على عروض وحلقات نقاشية تنوعت في مواضيعها إلا أنها جميعها اتفقت على أن الشباب وهممهم العالية هم أملنا وثروتنا التي لا تقدر بثمن. جسد المعرض أحلام الشباب فتلك يدٌ تتكلم لغة الإشارة، وذاك تصميم يزيد من كفاءة استخلاص العناصر الكيميائية، وآخر تصميم هندسي فذ لمتحف. بالتأكيد كل من شارك وعرض فكرته فائز، فالكل سنحت له فرصة المشاركة والنخبة أبهروا زوار المعرض باختراعاتهم. تنوعت العروض والاختراعات ولكنها بينت مدى اهتمام الشباب وقدراتهم على الاختراع والابتكار والإبداع. إن الاهتمام الذي توليه القيادة الحكيمة بالشباب هو الذي يجعل البحرين تكاد أن تصير مصنعاً ينتج فيه كل جديد بكل تفانٍ وإبداع. جسر المستقبل إذ ليس من حجر، بل هو جسر سيبنى بسواعد أبناء وبنات هذا الوطن بكل إصرار وعزيمة بلبناتٍ من طموح لينقلنا إلى المستقبل.
يلهم راعي الجائزة سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة الاختراع والابتكار، فسيارته التي صممها سموه عندما كان طالباً في المدرسة كانت محط اهتمام المشاركين وزوار المنتدى ونموذجاً للإصرار والتحدي وطلب العلم. حِرص سموه على اكتشاف المواهب تمثل في العمل الدؤوب والمتواصل للقائمين على المنتدى من لجان وشباب الذين لا تعتليهم إلا بشاشة الطموح وحب الوطن وإخلاصهم في العمل. وفي حفل الختام وبعد أن امتزجت أفكار المخترعين بإيقاعات الأوبريت وعند الإعلان عن الفائزين وفي لحظات، تحول الشباب الفائز من مخترعين إلى أبطال يفتخر بهم آباؤهم وعوائلهم ومعلموهم بل تفخر بهم كل البحرين.
الحضور الكبير الذي شهده المنتدى إنما يدل على قرب هذه الجائزة من آمال وتطلعات الشباب. هذا هو الشباب البحريني الذي عودنا دائماً بقدرته على الإبداع ونيل أفضل الجوائز المحلية والعالمية. إن ما نطمح له في البحرين في الحقيقة اليوم أن يؤخذ بيد هؤلاء المبدعين المخترعين ليحققوا مشاريعهم على أرض الواقع لتتحول مشاريعهم إلى مصانع تنتج كل ما تفتخر به البحرين ويكتب عليه «صنع في مملكة البحرين». العقل البحريني دون غيره من العقول البشرية يتميز بأنه ترعرع في هذا البلد وتغنى بالمعرفة والعلم فأصبح الوطن عشقه وصارت اختراعاته قصائده التي ينظمها غزلاً وحباً في وطنه.
* باحث في مجالات إنترنت المستقبل – جامعة البحرين