ذهبت أمريكا للعراق تحت راية تحرير العراق، ولكن كانت هناك أجندة اقتصادية مجانية. فالهدف الاقتصادي من اجتياح العراق عام 2003 كان أولاً الاستفادة من نفط العراق، كما كان الهدف خلق مشاريع لتستفيد منها الشركات الأمريكية. فحسب رؤية المحافظين الجدد في ذلك الوقت كان التخطيط للإطاحة بنظام صدام حسين على أن تتولى الشركات الأمريكية إعادة الإعمار، ومن ثم يدفع العراق تكلفة إعادة الإعمار من مال النفط. ولكن لسوء حظ أمريكا، فإن مغامرة الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت للإطاحة بنظام صدام كانت لها أثر معاكس لرغبات تلك الإدارة، والسبب الأساس لفشل المشروع الاقتصادي الأمريكي كانت عدم الاستقرار الأمني. لذلك منصات النفط لم تحدث كما يجب، والإعمار الذي كانت تنتظره الشركات الأمريكية لم يحصل. وخرجت أمريكا من العراق بعد عشر سنوات خاسرة معنوياً ومادياً. خسرت معنوياً لأنها فشلت في أن تبني عراقاً مستقراً وفشلت مادياً لأنها مغامراتها في العراق لم يمولها مال النفط العراقي، ولكن انتهت بأن كلفت دافعي الضرائب تريليون دولار بالإضافة لتدهور صورة أمريكا، لما صدر عنها خلال احتلالها للعراق من تجاوزات إنسانية خاصة في سجن أبو غريب وغيره. والآن على روسيا أن تأخذ عبرة من تجربة أمريكا في العراق. لقد دخلت روسيا سوريا ولديها هدفين، أولهما أن توطد من نفوذها في المنطقة، وذلك من خلال القواعد العسكرية المطلة على المتوسط. وثاني هدف لها هو العقود التجارية من نفط وغيرها، التي أعطاها الأسد لبوتين. ولكن على روسيا أن تنتبه وأن تبدأ بداية صحيحة حتى تستطيع أن تؤمن الاستقرار، وفي استقرار سوريا مصلحتها. ومن مصلحة روسيا أن توقف سياسة الفرز الطائفي التي تعتمدها إيران والتي ستنتج عنها مشاكل لا نهاية لها في المستقبل بسوريا. كما إنه من مصلحة روسيا أن تأتي بحل عادل يناسب جميع الفرقاء ويؤمن نمواً متوازناً وإعادة إعمار. وأن بدأت روسيا في سوريا على أسس غير سوية مثلما بدأت أمريكا في العراق ستنتهي كما انتهت أمريكا مهزومة وخاسرة مادياً ومعنوياً.