صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال آمين، آمين، آمين. فلما نزل سئل عن ذلك. فقال عليه الصلاة والسلام: «أتاني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله فقل آمين، قلت آمين». وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر «أي شمر للعبادة والطاعة».

تصرمت الأيام سريعاً وبات رمضان يضمحل وأوشكت أيامه المباركة على المغيب، وأطلت أعمارنا على أيام عشر جميلة مليئة بالخيرات هي من أفضل الأيام التي ينبغي فيها أن يتفرغ المرء للعبادة والطاعة والتذلل بين يدي المولى الكريم، ففيها ليلة هي من أفضل ليالي العام على الإطلاق.. إنها ليلة القدر المباركة.. قال تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين». وقال: «إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها..». إنها أيام عشر مباركة أخيرة من شهر الخير تسكن فيها النفس بصورة أعمق من الأيام السابقة.. فقد كانت الأيام الماضية تهيئة للمؤمن لهذه الأيام حتى يقصد فيها باب الكريم ليقف عنده يسأله حاجته ويبكي على خطيئته.. فإنما الأعمال بالخواتيم ومن فضل الله تعالى أن جعل خاتمة رمضان بأيام عشر يتحرى فيها المؤمن ليلة عظيمة الأجر والقدر.. ليلة تتنزل فيها الملائكة والرحمات لتحيط المؤمن بالأمن والسكينة.. فطوبى للموفقين باغتنام العشر في الطاعات، المعتكفين حتى مطلع الفجر في جميع ليالي العشر يتحرون ليلة القدر، فإن وفقوا للطاعة، أدركتهم هذه الليلة وهم يسألون الله الحاجات بدعوات في الخلوات في محراب الإيمان..

رمضان أجمل مدرسة يدرب فيها المرء نفسه على «السكينة».. ومن قصر فيما مضى.. فعليه أن يغتنم ما بقي في صالح الأعمال.. في عشر أخير قد لا تعود إلى أدراج حياتك مرة أخرى.. فاحذر من الغفلة واللهو والانصراف إلى «أشغال الحياة» و«تجهيزات العيد».. فإنها لا تنتهي.. فشتان بين من فرغ نفسه للعبادة وبين من ظل في «سرحان دنيوي».. يضيع عليه الكثير من الأجور.. لنجمل العشر بأجمل الأعمال.. ونجعلها أجمل ختام لشهر رمضان.. فلا ندري ما ينتظرنا في الغيب؟؟

* لمحة:

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.