تسكن نفسك عندما تقرأ هذه الآية: «إنك ميت وإنهم ميتون». والآية الأخرى: «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة..». تسكن عند أي مصاب جلل يمر عليك في حياتك.. لأنك على علم بأنك ستكون يوماً ما في هذا الموقف الرهيب الذي يجتمع فيه كل أحبابك وكل من يعرفك ليودعوك.. تسكن نفسك إن عرفت طريقها إلى الله تعالى فأحست أن موعد الرحيل ليس ببعيد.. فتعد له العدة بأعمال صالحة تقربها إلى المولى الكريم.. سكينة توعظك وتنتشلك من أوحال الغفلة.. فكفى بالموت واعظاً..

تهيأ لكل شيء.. فأحداث الحياة لا تمهلك الكثير.. واستثمر مواسم الطاعات.. حتى تستعد لأهم ساعة في عمرك هي التي ستغادر فيها الحياة.. تذكر أولئك الذين انشغلوا بمريضهم في سقمه، وباتوا يخافون من لحظات فقده، فظلوا يدعون الله تعالى أن يشفيه من سقمه، وفجأة وبلا سابق إنذار.. يرحل من أمام أنظارهم ذلك الفتى السليم في ريعان شبابه في حادث أليم أسدل الستار على كل لحظات الذكريات في حياتهم.. هرع الجميع للتأكد من هذا الخبر المفجع.. فتأكدوا أن من رحل هو ذلك الشاب الذي أحبه الجميع بظله الخفيف..

يا الله.. ما هذه الدنيا المؤلمة التي تشتد فيها الآلام الموجعة لفقد الأحباب والمحبين.. نؤمن أن الجميع سيرحل.. مما يسبق على نفوسنا السكينة.. ولكن الموجع أن من يرحل قبلك تفتقد بصماته في حياتك، ويترك في حياتك فجوة قد لا يعوضها غيره، وبخاصة إن كان ممن صاحبك في محافل الخير ودروب الإخاء وساندك في أيام العمر..

لا تنشغل كثيراً بهذا وذاك، ولا تعتقد أن من سبقك في العمر، أو أكلت جسده الأمراض، هو سابقك نحو الله.. بل لعلك ترحل قبله.. فإنما الأعمار مقدرة عند المولى الكريم، وأوراق الحياة معدودة لكل إنسان.. «لكل أجل كتاب»، «ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون».

لعلنا نفهم مقصود هذه الكلمات، ولكننا لم نستوعب بعد معنى الرحيل الذي يأتي على حين غرة ولا يمهلنا ولو دقيقة واحدة للاستزادة بعمل صالح.. قال تعالى: «حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون».

لمحة:

«بادروا بالأعمال سبعاً.. وذكر منها عليه الصلاة والسلام: أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً..».