عملت في إحدى المؤسسات التي تنص بنود عقدها على دفع «بونس» سنوي لموظفيها، ولأسباب مجهولة تم إيقاف صرف هذا «البونس» فتعالت أصوات الموظفين الرامية إلى إعادة تفعيل صرف «البونس» بحجة أنه أصبح «حق مكتسب»، أذكر حينها أنني سألت أحد المسؤولين عن «معنى الحق المكتسب»، فأجابني: إذا استحق الموظف مزايا معينة لفترة من الزمن ثم سحبت منه لسبب من الأسباب فإنها تعتبر من «حقوقه المكتسبة» التي حصل عليها في وقت لاحق وبشكل قانوني.

وأذكر أنني عندما شاهدت أحد دور العبادة مشيداً على «دوار» في وسط الشارع واستنكرت هذا الشيء، أخبرني أحدهم أن وجود دار العبادة «حق مكتسب»، فهو موجود هنا منذ سنوات وأنه بتقادم الزمن أصبح له شرعية حتى وإن كان في وسط الشارع ومن الممكن أن تحدث كارثة لو أخطأت سيارة من السيارات مسارها واستقرت في وسط دار العبادة.

وعملت في مؤسسة أخرى يعتمد فيها عدد كبير من الموظفين على أجرة «العمل الإضافي»، وعندما واجهتهم الإدارة بعدم استمرارية الوضع الراهن وأنه سيتم تخفيض ساعات العمل الإضافية أو إيقافها بالكامل، ثار الموظفون بحجة أنه «حق مكتسب»، قائلين «عشنا لسنوات طوال وساعات العمل الإضافية تصرف لنا حتى أصبحت «حق مكتسب» وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الأمور المالية التي نعتمد عليها في إدارة شؤون حياتنا».

وأشاهد الآن الحركة الإيجابية النشيطة لتصحيح أوضاع المخالفين في إشغال الأماكن العامة في جميع المحافظات وأسمع من المتضررين ذات المصطلح «أنهم يسلبون مني حقي المكتسب»، شغلت الشارع منذ سنوات عدة، ولم يتعامل أحد معي بهذه الطريقة، حتى أصبح هذا المكان «حق مكتسب»، فما الذي تغير الآن؟؟!!

* رأيي المتواضع:

لا أعرف على من يقع الخطأ؟ على من استباح منذ البداية «تجاوز القوانين» وجعل الخطأ هلامياً حتى أصبح مباحاً، وصحياً، فجأة ليصحح الوضع؟ أم على المواطن الذي وقع ضحية ترك الحبل على الغارب، ولم يتوقع يوماً أن يحرم من «بونس»، مُنح له منذ بداية توظيفة، أو أجرة عمل إضافية اعتاد على احتسابها ضمن دخله الأساسي، ولم يتوقع لوهله أن يحرم من مكان ورثه أباً عن جد في سوق مخالف، أو يهدم أمام عينيه جزءاً من بيته عاش فيه لمدة عشرات السنوات بحجة «تصحيح المخالفات»؟

إذا وقف الحق المكتسب أمام تصحيح المخالفات فأيهما ينتصر؟ لا أعلم.