المسؤولية تجاه الأبناء بغية حمايتهم من التأثيرات السالبة ومريدي السوء ليست مسؤولية أولياء الأمور وحدهم ولكنها مسؤولية المجتمع بكل مؤسساته كالمسجد والنادي والمدرسة والإعلام وغيرها، فللمسجد دور كبير في هذه العملية إن تصدى لها غير المتطرفين وغير المتأثرين بالتطرف وذوي النظرة القاصرة، وللنادي دور كبير فيها لو احتوى على الأنشطة التي تشغل الأبناء وتطور من قدراتهم، ولكل المؤسسات المجتمعية دور في حماية الأبناء والارتقاء بهم، شرط ألا يتوفر فيها من بإمكانه حرف هذه المهمة عن مسارها، وبالتأكيد فإن للمدرسة دوراً أكبر ففيها يقضي الأبناء الساعات الأهم من يومهم وفيها يتعلمون ما يفترض أنه يسهم في حمايتهم من تأثير مريدي السوء وإعلامهم وألاعيبهم وحيلهم. وبالتأكيد أيضاً لا يمكن لهذه المؤسسات أن يعمل كل منها بشكل مستقل، فهي إن لم تتكامل ويكون الهدف بالنسبة لها كلها واضحاً ضاع جهدها وضاع جهد أولياء الأمور الذين لا يمكن أن يقوموا بالمهمة كلها وحدهم، وضاع جهد الدولة.

أبناء البحرين أمانة في أعناق آبائهم وأمهاتهم وأهلهم، وأمانة في عنق المدرسة والمسجد والنادي وكل مؤسسات المجتمع، وسقوطهم في براثن مريدي السوء مسؤولية كل هؤلاء، والأهم من العمل على تخليصهم منها بعد سقوطهم فيها هو منع سقوطهم فيها وتحصينهم، وهذا لا يمكن أن يحدث إن لم يدرك كل هؤلاء مسئولياتهم والواجب عليهم تجاه الأبناء وتجاه المجتمع والوطن.

من المؤسسات المسؤولة عن حماية الأبناء أيضاً الإذاعة والتلفزيون، فهذان الجهازان من القوة بحيث يمكنهما تخريب كل محاولات مريدي السوء بتوفير ما يلزم من معلومات وطرق تعين الأبناء على حماية أنفسهم وتعين أولياء الأمور والمدرسة والمسجد والنادي وغيرها من المؤسسات المجتمعية على القيام بدروها في حماية الأبناء، ولعل الظرف مناسب الآن لدعوة المعنيين بالإعلام إلى بذل جهود أكبر لتحقيق هذا الهدف «وإن كان على حساب ساعات البث الكثيرة المخصصة للأغاني وللكثير مما لا يفيد الأبناء»، فللإذاعة والتلفزيون دور أكثر من مهم في عملية حماية الأبناء من مريدي السوء وتأثيراتهم.

الجميع يريد أن يكون العام المدرسي الجديد مختلفاً، وعلى الجميع أن يسعى إلى هذا الأمر، ليس بالكلام ولكن بالعمل وإلا ضاع الجهد الذي بذلته الدولة خلال الأعوام السبعة الماضية لمنع وصول مريدي السوء إلى الأبناء وحمايتهم منهم. ليس صعباً أن يكون هذا العام هو الأفضل للأبناء وللوطن والأسوأ لمريدي السوء ولمن يقف من ورائهم يمولهم ويدعمهم ويعينهم على تنفيذ المهام الموكلة إليهم، فكل المطلوب هو معرفة كل جهة لدورها وبذل الجهد المطلوب منها بذله ليتحقق الهدف المتمثل في تحصين الأبناء وحمايتهم وإنقاذهم من حالة الشر التي يراد إدخالهم فيها. تكامل المدرسة والمسجد والنادي والإعلام وأولياء الأمور وغيرهم من مؤسسات مجتمعية نتيجته المنطقية تحصين الأبناء ومنعهم من التأثر بالشعارات الفارغة التي يرفعها مريدو السوء والمستفيدون منهم، وإبعاد الأبناء من دائرة تأثير مريدي السوء من شأنه أن يحولهم إلى طاقة إيجابية تخدم الوطن والمجتمع ويخدمون بها أهليهم الذين سيظلون غارقين في القلق إن لم يشعروا بأن أبناءهم في المساحة الآمنة وأنهم لن يفاجئوهم بما هو غير متوقع فتتحول حياتهم إلى جحيم، فالأمر الذي يعرفه مريدو السوء ولكنهم يتغافلون عنه هو أن العديد من الأسر تعيش اليوم في جحيم بسبب ما وقع فيه أبناؤهم الذين لم يحصلوا على التحصين الكافي فصاروا صيداً سهلاً وتمت برمجتهم فرفعوا شعارات لا يعرفون كنهها ولا علاقة لهم بها.

تحصين الأبناء ومنع وصول مريدي السوء إليهم مسؤولية كل المجتمع الذي يعتبر مهزوماً لو تمكن أولئك من النجاح في الذي نجحوا فيه في السنوات الأخيرة.