صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيخرج من الاتفاق النووي الفاشل «5+1»، مع إيران بدون رضى بقية الشركاء الأوروبيين، وقد خرج فعلاً. ثم قال إنه سيقوم بمحاصرة إيران في عملية بيعها لنفطها الذي يعد مصدر الدخل الوحيد لنظام الملالي وقد بدأ فعلاً ذلك منذ مطلع شهر نوفمبر الماضي. السؤال المستحق هو: ماذا بعد ذلك؟!! هل تحقق الهدف المنشود وهو إجبار إيران على الانصياع للشرعية الدولية وترك طموحها في أن تكون إمبراطورية عبر التدخل في شؤون الغير؟!! للأسف.. فإن تبعات خطة ترامب تبدو سيئة حتى الآن، ليس على ترامب وحده.. ولكن على دول الخليج أيضاً. يقول الخبير الاقتصادي سيمون كونستيبل: «إن فهم عمل سوق النفط يشبه مشاهدة لعبة الشطرنج المتعددة الأبعاد، حيث تتفاعل العديد من القطع المتحركة أحياناً بطرق غير متوقعة». وهو صادق فيما يقول، فقد وصل خام برنت إلى 59 دولاراً للبرميل في السوق، وهو انخفاض مخيف لدول الخليج العربي التي كانت تطمع في أن يرتفع إلى ما فوق المائة دولار. ونحن نستحق ذلك.. فقد سايرنا ترامب، إذ رفعت المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج العربي من إنتاجها من النفط بواقع 127 ألف برميل يومياً، وفقاً لبيانات منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك»، الأمر الذي ساهم في تعويض ما تنتجه إيران.

الكارثة أن زيادة إنتاج الخليج كان استجابة لقلق الرئيس ترامب من ارتفاع أسعار النفط، والأسعار التي انخفضت علامة تدل على تراجع الاقتصاد العالمي، فعندما يتباطأ النمو يتوقع معظم التجار والاقتصاديين انخفاض استهلاك الوقود. فما الحل لتحريك الاقتصاد؟!! فهناك الكثير من النفط في السوق، وعلاوة على ذلك فإن في السوق نفطاً ليس بخليجي ولا حتى أمريكي، إذ زادت روسيا إنتاجها بمقدار 260 ألف برميل يومياً، هذا إلى جانب أن إنتاج النفط الأمريكي قد قفز بمعدل 850 ألف برميل في اليوم. ويحق لنا القول لترامب ومستشاريه «خبزٍ خبزتيه يا الرفلة إكليه»، فقد كان الحل مع إيران هو التدخل العسكري أو اسقاط نظام الملالي من الداخل، وليس إغراق السوق بالنفط وانهيار أسعاره، فتراجع سعر النفط إنما هو علامة على تراجع اقتصادي من صنع ترامب. قد يبدو لمن يقرأ ما كتبناه وكأننا نقول أوقفوا العقوبات على طهران، ولكن هذا غير صحيح، فوقف العقوبات يعني إغراق السوق أكثر ونزول الأسعار أكثر من جراء وفرة النفط الإيراني.

* اختلاج النبض:

قلقنا كمواطنين وليس كخبراء نفط، يتمثل في أن النفط قد وصل إلى أقل من 36 دولاراً للبرميل، ما يعني توقفنا عن استخراجه وتصديره لأن كلفته أكثر من السعر في السوق المفتوحة.