تعتبر ليبيا العربية الشقيقة من الدول المستهدفة من قبل الكثير من الدول غير العربية، كما إنها وبسبب الفراغ السياسي الكبير الذي حصل داخل نظامها إبان الربيع العربي استغلت المجموعات الإرهابية ومموليها ذلك الفراغ فقامت بالتخندق في المدن الليبية حتى صارت الكثير من تلكم المدن محطات وقواعد مهمة لـ «داعش» وأخواتها من المنظمات الإرهابية الأخرى.

فقبل أيام فقط أعلنت «داعش» مسؤوليتها عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف مبنى وزارة الخارجية والتعاون الدولي بطرابلس والذي أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل وإصابة 5 آخرين، ومملكة البحرين تعتبر من الدول العربية الأولى التي أدانت هذه الجريمة البشعة، كما أدان ذلك المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا واستنكاره لحادثة وزارة الخارجية.

هذا الحادث الإجرامي يؤكد لنا صحة فرضيتنا بدخول دول أجنبية على الخط الليبي واستغلال الفراغ السياسي هناك لتصفية حساباتها مع دول عربية شقيقة، وهذا تماماً ما أعلنته القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية قبل أيام من أنها «تابعت بقلق عملية ضبط شحنتي أسلحة ضخمتين بميناء الخمس غرب البلاد، قادمة من تركيا، تحمل 4.2 مليون رصاصة قادرة على قتل 80 % من الليبيين، وبها أيضا آلاف المسدسات والبنادق ولوازمها، علاوة على مسدسات مزودة بكاتمات صوت تستعمل في التصفيات الجسدية». وأكدت قيادة الجيش الليبي أنها «تضع العالم أجمع أمام مسؤولياته تجاه ما تقوم به تركيا من زعزعة أمن ليبيا واستقرارها بدعم الإرهاب. إن تركيا لم ولن تتوقف عن تصدير شحنات الأسلحة». وذكرت القوات المسلحة الليبية «بالأسلحة التي تم العثور عليها عند إرهابيين في مدينة بنغازي، وعملية الحجز التي نفذتها اليونان مطلع السنة الجاري». ونبهت المؤسسة العسكرية الليبية «قدمنا الأدلة والإثباتات التي تؤكد تورط تركيا ودول أخرى في إسناد الإرهابيين في ليبيا ودعمهم في محاربتهم للجيش الوطني الشعبي». كما طالبت قيادة الجيش «مجلس الأمن والأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا بـ «إدانة تركيا وفتح تحقيق فوري واتخاذ موقف جدي حيال الجريمة الإرهابية، وخرق قرارات مجلس الأمن».

نعم، إنها تركيا التي تحاول ضرب كل ما هو عربي وتشويه صور الدول العربية عبر دعمها للفصائل الإرهابية المسلحة الخطيرة بالمال والسلاح وليست آخرها ليبيا، ولهذا وجب على العرب أن يتخذوا موقفاً حاسماً من الدولة التركية وذلك بعدم التعرض لأية دولة عربية بسوء، وعدم قبولهم دعمها للإرهاب والإرهابيين وتمويلهم وتسليحهم في كل مناطق الصراع العربي ومن أهمها ليبيا الشقيقة التي نعتبر استقرارها استقراراً لكل الدول العربية والإفريقية وعلى رأسهم جمهورية مصر العربية.

على إثر ذلك السلوك المريب للأتراك، يمكن أن نجيب على السؤال التالي، لماذا تحشر أنقرة أنفها في الشأن الليبي أو العربي؟ الجواب وبكل وضوح يتمثل في محاولة الأتراك إعادة أمجاد الدولة العثمانية إلى الواجهة وكسب أكبر قدر من السيادة في الشرق الأوسط على حساب الدول العربية لتغطية فشلها الداخلي، وهذا الحلم التركي لن يتحقق في ظل وعينا بأهمية وحدتنا وتماسكنا نحن العرب ضد كل من يتربص بنا شراً.