بعد سقوط صدام عادت الملكية كأحد الحلول لإخراج العراق من بؤسه في شخص الشريف علي بن الحسين، باعتبار أن العائلة المالكة العراقية منذ عام 58 كانت تعمل لرجوع الحرية والديمقراطية والدستورية للعراق، فبعد انهزام النظام العراقي من الكويت بعد تحرير الكويت، اتجه العراقيون للعائلة المالكة العراقية من داخل العراق ومن خارج العراق يطلبون أن يرشح أحد منها نفسه ليقود العمل بعودة الملكية إلى العراق. لكن لم تعد الملكية للعراق، وإن كان وريث عرش العراق، الشريف علي بن الحسين راعي الملكية الدستورية في العراق، قد قدم نفسه، مرشحاً كوزير للخارجية ولم ينجح أيضاً في هذا المسعى.

أما عرش إيران فلا يزال رضا بهلوي الثاني الابن الأكبر لشاه إيران يقدم نفسه كحل للفوضى التي سببتها الثورة وحكم الملالي من خلال ملكية دستورية، ويدعمه إيرانيو المهجر، حيث إن رضا بهلوي ولي العهد الأخير للأسرة البهلوية شكل رمزاً وطنياً لهم بهدف جمع فرقاء العمل السياسي بالداخل والخارج. ودول الخليج العربي هي بشكل ما متشابهة الأنظمة سواء كانت ملكية أو بنظام الإمارة، ولا تخطئ العين ما تحظى به الأنظمة الحاكمة في هذه الدول من استقرار مقارنة بالجمهوريات، فالملكية هي نظام حكم يكون الملك على رأس الدولة وتتميز بأن الحكم غالباً ما يكون لفترة طويلة وعادة حتى وفاة الملك، وينتقل بالوراثة إلى ولي عهده ما يمنع التسابق والتقاتل بين أطياف المجتمع على السلطة.

وفي ليبيا يقال إن الملك محمد إدريس السنوسي سمع الليبيين يقولون فليحكمنا إبليس ولا يعود إدريس، فرفع يديه للسماء وقال آمين، فقبل الله دعوته وحكمهم إبليس القذافي 40 عاماً لا يخاف الله ولا يرحمهم، فقد كان السنوسي ملكاً على ليبيا حتى انقلاب 1 سبتمبر 1969 الذي قام به ضباط عسكريون بقيادة العقيد معمر القذافي، وكان وقتها في تركيا للعلاج. ومع عجز ليبيا عن الخروج من حالة الفوضى، والانقسام السياسي والقتل والتدمير الراهن، بدأ صعود الدعوات والمطالبات بعودة الملكية التي أسقطتها الجماهيرية منذ عقود، والتي أطاحت بها ثورة 2011. فالملكية لمجتمع عشائري هي الأنسب لوقف إفراز ميليشيات مسلحة تتكلم باسم كل قبيلة أو مجموعة وتدافع عن مصالحها دون اعتبار لشرعية المؤسسات الرسمية التي ضربت بها عرض الحائط. ويرى هؤلاء أن حالة الانقسام والفوضى التي تغرق فيها ليبيا لا يمكن أن ينهيها ما يشبه النظام السياسي السابق، ويرى أصحاب مبادرات عودة الملكية «أن الدستور الليبي الذي تم سنّه في العام 1951 عندما تحصلت ليبيا على استقلالها هو الضامن الوحيد للمّ شمل الليبيين ووحدتهم»، فالشرعية التي تتوفر عليها الملكية يمكن أن تمثل منطلقاً جيداً لإرساء حوار حقيقي يؤدي إلى بناء مؤسسات للدولة تمتلك شرعية متفقاً عليها ومعترفاً بها من كافة الليبيين.

* اختلاج النبض:

صمدت الملكيات في الربيع العربي، فهل يمكن القول إن الربيع العربي قد سقى بذرة عودة الملكيات؟