مدرسة الهداية الخليفية للبنين، صرح تعليمي شامخ في جزيرة المحرق بمملكة البحرين. تأسست في عام 1919م، وهي أول مدرسة نظامية ليس في مملكة البحرين وحسب بل على نطاق دول مجلس التعاون الخليجي قاطبة. عديد من أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية كانوا هناك وكثير من الطلبة جيلاً بعد جيل تخرجوا منها على مدى عقود، وكانت الهداية الخليفية منذ تأسيسها بمثابة مصنع للرجال انخرطوا في سوق العمل بمختلف المجالات في القطاعين العام والخاص، كثير منهم شغلوا مناصب قيادية في كِلا القطاعين، فمنهُم من ترجل بعد سنوات طويلة مِن العطاء ومنهم من مازال على رأس العمل في خِدمة الوطن.

تمر علينا هذا العام الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الهداية الخليفية التي كانت النواة للنظام التعليمي القائم في الوقت الحالي. هذه الذكرى حري أن يُحتفل بها على الصعيد الوطني أيما احتفال. لقد دخلنا في الربع الرابع «الأخير» من العام الحالي وإلى الآن لم نسمع عن أية برامج أو فعاليات تعتزم وزارة التربية والتعليم إقامتها تيمناً بهذا الحدث الفريد. أذكر أنه في العام الماضي صدر تصريح مِن الوزارة عن عزمها الاحتفال بهذه المناسبة في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في جمهورية مصر العربية، من أجل أن يُحتفل بها على مشهد ومسمع الدول العربية كافة. ذاك توجه جميل، وجميل أيضاً في المقام الأول أن يُصاحَب الاحتفال الأممي بنظير على الصعيد المحلي يُكرمُ فيه الرعيل الأول ومَن جاء مِن بعدهم من أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية. إلى جانب ذلك، إحياء هذه الذكرى العطرة في جميع مدارس البحرين وتشارك فيه المؤسسات الحكومية كافة كل بأسلوبه، فضلاً عن القطاع الخاص الذي من الأهمية بمكان أن يكون له حضوره القوي في تِلكم الاحتفالات المأمولة عن طريق تقديم الدعم المالي واللوجستي لمشاريع وزارة التربية والتعليم الرامية إلى الارتقاء بمخرجات التعليم، تحقيقاً لمبادئ الشراكة المجتمعية وأهداف التنمية المستدامة.

تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن البلاد قد احتفلت في عام 1969م باليوبيل الذهبي للتعليم في البحرين بباقة من الفعاليات، كنتُ وقتها في سِن العاشرة ومازلت أذكر مظاهر البهجة التي صاحبت تلك الاحتفالات التي نظمتها مديرية التربية والتعليم آنذاك، حيث اليافطات والملصقات عَمتّ أرجاء البلاد. كما شهِدت مدرسة الهداية الخليفية الثانوية للبنين إقامة معرضٍ بهذه المناسبة أبرز مراحل تطور التعليم في البحرين بالسنوات الخمسين الماضية، ومن جانبها، أصدرت إدارة البريد طوابع بريد تذكارية تبعاً لسنتها الحميدة في المشاركة بطريقتها في الاحتفالات الوطنية. وقد توجهت تلك الفعاليات بحدثين رعاهما المغفور له بإذن الله تعالى الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة «حاكم البحرين وتوابعها آنذاك». الحدث الأول شهِد تكريم الرعيل الأول من العاملين في سلك التعليم من مدرسين وإداريين، والخريجين من المعهد العالي للمعلمين، والجامعات خارج البحرين، والطلبة المتفوقين في مراحل التعليم الأساسي. أما الحدث الآخر فكان المهرجان الرياضي الكبير الذي أقيم في إستاد مدينة عيسى بتاريخ السادس والعشرين من شهر أبريل 1969، وشارك في استعراضاته المئات من طلاب وطالبات مدارس البحرين. وقد حضر تلك الاحتفالات وزراء التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية، والجمهورية العربية المتحدة «آنذاك»، ولبنان، والعراق، والأردن، ودول الخليج العربي.

أما اليوبيل المئوي للتعليم في مملكة البحرين، محل الاهتمام، فمن المؤكد أن وزارة التربية والتعليم في جعبتها الكثير من الأفكار الخلاقة الجديرة بأن تقيم احتفالات ضخمة وبأبهى حُلة تمجيداً لهذه المناسبة الغراء، احتفالاتٍ تبين التطور الذي وصل إليه النظام التعليمي في البحرين على مرِ العقود، فهناك العديد من الإنجازات الهامة على صعيد التربية التعليم قد تحققت في العهد الزاهر لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد في إطار المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالته في عام 2001 بُعيد تولية مقاليد الحكم في 1999م، إنجازات كبيرة مشهود لها ويُعتدُ بها من الأهمية بمكان أن تُبرَز وتأخذ مقامها الرفيع الذي تستحقه ويشهدُها القاصي والداني على حدٍ سواء.

التعليم هو مصدر فخر الأمم وما تحققه من مستوى على هذا الصعيد مؤشر لمدى رُقيها، ويُمهِد لها الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والبحرين دائماً ما يُشار إليها بالبنان في المجالاتِ كافة.

* عالِم بيئة بحرية