لقد أحدثت جائحة كورونا (كوفيد 19) تغييرات هائلة ومدوية في كل أصقاع المعمورة، وربما يركز الإعلام العالمي اليوم في السلبيات والمخاطر فقط، بينما للجائحة جوانب مضيئة أخرى، لعل من أهمها، هو إحداث صدمة بشرية تعيد لنا حساباتنا، ورغباتنا الحقيقية للسير نحو التغيير.

كنا وما زلنا نقول، إن من لم يستفد من جائحة كورونا (كوفيد 19) خلال هذه المرحلة، فإنه لن يستفيد من المراحل الأخرى الباردة. فالجائحة هي وحدها من تستطيع أن تغير من الأنساق البشرية، وأنماط الحياة التقليدية، إذ إنها بالنسبة إلى بعض الشعوب والدول تعتبر «فرصة ذهبية» في عالم التغيير والثورة على كل أنواع الجمود.

فلننتهز فرصة وجود الجائحة، لنقوم بتصحيح أوضاعنا وقوانيننا وتشريعاتنا وأنظمتنا العامة والخاصة، سواء كنا أفراداً أو دولاً وحكومات. وأن نجعل الجائحة فاصلاً للتاريخ المعاصر، فنقول ما قبل الجائحة وما بعدها، إذ إن ما قبلها لن يعود كما يتوهم البعض، وإنما ستكون المرحلة القادمة هي المرحلة الثابتة بعد اهتزازات عنيفة أحدثتها الجائحة، سواء على صعيد السياسة أو الاقتصاد أو النظام الدولي.

في البحرين، يجب أن نستفيد الاستفادة القصوى من تداعيات الجائحة. فبدل أن نندب حظنا ونشعر بخطورة المستقبل وما يحمله المجهول، علينا أن نبني أنماطاً جديدة في التفكير والسلوك والاستراتيجيات وفي كل شيء، وأن نستغل هذه المحنة بطريقة إيجابية نحو التغيير.

علينا أن نغير من طريقة تفكيرنا كأفراد، كما على الدولة أن تدخل مرحلة التغيير الجذري فيما يخص السياسة المتبعة في تعاملاتها وخدماتها الحكومية وغيرها، كأن تتحول إلى حكومة رقمية خالصة، وأن تتجه للعمل عن بعد، وأن تستثمر أكثر في الطب والغذاء والزراعة والمعلومات والتكنولوجيا، خاصة أن البحرين مؤهلة لهذه المخاضات التغييرية بكل جدارة، فالجائحة أثبتت أن لدينا كوادر قادرة على صناعة المرحلة القادمة.

وحدهم الخائفون من التغيير أو المترددون من قبوله، سيكونون خارج معادلات الوطن والمستقبل، فالمسؤول التقليدي الجبان الذي ما زال يرفض العمل عن بعدٍ لموظفيه، ويلزمهم بالحضور الشخصي مثلاً، هذا «بالذات» لن يكون من ضمن خطط الدولة في المستقبل بكل تأكيد.