لا أحد ينكر الأهمية البالغة للثورة الاتصالية ودورها في عالم اليوم، وخاصة بعد أن تغلغلت في شتى جوانب حياتنا اليومية. وباتت تشكل جانبا مهما من حياة الناس ومواقفهم وقيمهم. ومع ذلك نشعر أن وسائل التواصل الاجتماعي -وهي الجانب الأكثر تأثيرا ضمن هذه الثورة- قد أدخلت الناس في اشتباك يومي مع ثقافة التعدي وهدر القيم، فيما يشبه حالة من الجنون؛ لأنها بسبب سهولة استخدامها واتساع نطاق توظيفها، وعدم وجود أي ضوابط ترشدها، أصبحت تشكل قنبلة موقوتة، تنفجر كل يوم في وجه المجتمع، حيث يتم توظيفها في الغالب فيما هو سيئ ومسيء، واستغلالها في نشر ثقافة السباب والشتائم والنيل من الآخرين وانتهاك خصوصياتهم. وقد تتجاوز الإساءة الأفراد لتشمل الأديان والطوائف والأمم والأعراق والبلدان، استنادا إلى مركبات الاستعلاء والعنصرية والكراهية المغروسة في ثقافة هؤلاء الذين لا يتورعون عن فعل أي شيء، في ظل ما يسكنهم من حقد أو عمى أيديولوجي.

وعندما يعمل أصحاب هذه الخطابات السائلة على تقسيم الناس شعوبا وقبائل وطوائف من خلال تلك الوسائط، فإن خللا تكوينيا يكون قد وضع المقدمات لمرحلة تشهد فيها العلاقات بين البشر مزيدا من التردي، في ضوء تلك السجالات العنيفة واللاأخلاقية التي تنعكس على حياة الجميع تقريبا.

إن رسالة الإعلام، مهما كان شكله -رسميا كان أم غير رسمي- من حيث المضمون، هي: الموضوعية في العرض، والصدق في القول والإصلاح في المقصد، من دون تزييف أو تضليل أو تلفيق. ومن حيث الشكل، أن يكون بعيدا عن البذاءة وعن انحطاط المعنى والصورة. وهذان الشرطان من شأنهما الإسهام في تعزيز الوعي بين الناس، والإسهام في بناء وحدة المجتمعات وتعايشها السلمي، بدلا من هدر الوقت في التهريج والتلهي بما هو سخيف ومسيء، عما هو مفيد وبنّاء.

* همس:

كل صباح،

يحتويني الشارع البطيء،

أبحث فيه عن لحظة غياب،

مستنجدا بالذكرى.

وفي المساء الغريب،

أبحث عن ظلها الممشوق،

فراشة من ربيع،

تسري في تفاصيل النسيم،

غيمة مطر فارة،

وغيبوبة نوم،

وكأس لا يمل،

طفلة لحظة اغتسال المساء الأخير.