لقد أحدث فيروس كورونا نقلة نوعية في طريقة تفكيرنا في جميع نواحي حياتنا ولاسيما العمل وأصبحت الشركات تفكر كيف تحمي موظفيها وعملائها من العواقب السلبية للوباء. فقد سبب الفيروس اختفاء أو قلة طلب على بعض الوظائف مثل سوّاق الحافلات المدرسية، ووظائف قطاع الطيران والسياحة والمطاعم والفنادق والسينما وغيرها، وعلى الجانب الآخر تم خلق وظائف جديدة أو زيادة طلب على مجموعة أخرى.

لقد تغير أسلوب حياتنا فأصبحت التكنولوجيا صديقتنا الصدوقة في عام 2020 وحتى الآن، حيث إن العمل والتعليم والترفيه أصبحنا جميعهم نمارسها عبر الإنترنت، بالتالي سبّب ذلك إلى زيادة ملحوظة على طلب المتخصصين في مجال تقنية المعلومات، فقد واصلت شركات التكنولوجيا العملاقة - منذ انتشار الوباء مثل Google وApple وMicrosoft وNetflix وغيرها - عمليات التوظيف. كما وظفت شركة أمازون مئة ألف موظف لمواكبة الطلب الهائل على الشراء عبر الإنترنت لأن عدداً كبيراً من الناس في العالم عالقون في المنزل ولا يتسوقون في المتاجر الفعلية. كما تخطط Instacart، شركة التوصيل للأغراض التموينية، لتوظيف ثلاثمائة ألف موظف لمواكبة زيادة الطلب. ومن منا لم يستخدم Microsoft teams أو Zoom وأشباههما في العام الماضي، حيث اعتمدت عليهم الشركات والوزارات والمدارس والجامعات بعد تعليق الدراسة والعمل من المنزل في معظم القطاعات، وتماشياً مع زيادة استخدام هذه البرامج فقد أعلنت شركة Zoom عن حوالي 200 فرصة عمل متاحة.

كانت هناك زيادة طلب أيضاً على موظفي خدمة العملاء عبر الهاتف سواء في البنوك والوزارات والمحلات والشركات وذلك بسبب الإجراءات والاحترازات بعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة إذ أصبح الكثير يعتمد على قضاء جلّ معاملاتهم أو استفساراتهم عبر الهاتف. كما كان هناك توسع في استخدام التكنولوجيا المالية كاستخدام وسائل الدفع الإلكتروني وتطبيقات البنوك لإجراء المعاملات المالية ولذلك كان هناك حاجة إلى توظيف مزيد من المختصين في هذا المجال.

وعلى صعيد آخر، استقطب القطاع الطبي عدداً لا بأس به من الأطباء والممرضين بسبب الضغط الشديد على هذا القطاع وازدياد الطلب على المتخصصين القائمين على تحاليل وتطعيمات كورونا، بالإضافة كانت هناك حاجة للموظفين في مصانع الكمامات والمعقمات والمنظفات التي تم إنشاء بعضها في العام الماضي لتواكب الطلب المتزايد عليهم.

وتوجد مخاوف بأن بمجرد أن نعود إلى الحياة الطبيعية، قد يتلاشى الطلب على هذه الوظائف أو تكون ليس هناك حاجة لهذا العدد من الموظفين مما قد ينتج عن تسريح جزء كبير منهم.

ولكني أرى أن كثيراً من هذه الوظائف والمهن لن تكون وقتية، بل سوف تستمر حتى بعد اختفاء الوباء حيث إن هناك جوانب في حياتنا لن تعود كما كانت، وسوف تستمر التكنولوجيا تلعب دوراً جوهرياً في نمط حياتنا اليومية. لقد علمنا الوباء أهمية التكنولوجيا كعنصر أساسي في استمرار الحياة لذلك يجب من الجميع إتقانها والعمل على تطويرها والتطور في استخدامها.

* أستاذ مساعد - قسم الاقتصاد والتمويل - كلية إدارة الأعمال - جامعة البحرين