شهدت منصة التيك توك الصينية منذ بداية ظهورها إقبالاً هائلاً من قبل شريحة واسعة من الشباب والمراهقين وسرعان ما لحقهم الفنانون والمؤثرون بالتواجد على المنصة للوصول إلى شريحة أكبر من الجمهور والاستفادة من مزاياه العديدة في صناعة محتوى مرئي أكثر جاذبية وتفاعل من بقية المنصات.

ما أن تدخل إلى عالم التيك توك حتى تتفاجأ بسلسلة متتابعة من الفيديوهات المتدفقة سريعة الإيقاع قد تفقدك التركيز نوعاً ما، ولكن بعد الغوص أكثر في المحتوى المصنف بطريقة ذكية، ستجد بأنه يحمل العديد من المضامين والمجالات وليس فقط ما راج عنه من المقاطع الراقصة والكوميدية وتحديات اللعب والتي تشكل الجانب الترفيهي منه خاصة لاندماجه الموسيقي مع شركة ميوزكلي، ولكنه أيضاً يحمل العديد من الحسابات التعليمية الهادفة والجادة في مجالات الصحة والرياضة والثقافة بشكل عام، مستعيناً بمزايا وخصائص أكبر في التصميم والمونتاج للمحتوى المرئي كإضافة النصوص والرموز والموسيقى والتحكم في السرعة وتقطيع الفيديوهات وإضافة المؤثرات والفلاتر تفوق بمراحل جميع المنصات التي ظلت تتربع لسنوات واستطاعت أن تهز عروشها الراسخة، هذا بالإضافة إلى استخدامه للذكاء الاصطناعي في البحث حسب وجوه الأشخاص عن المزيد من مقاطع الفيديو الخاصة بهم والتحديث المستمر لأهم الترندات واللعب والتحديات، وإمكانية كسب المال من خلال التفاعل كالإعجابات والتعليقات ما جعله جاذباً لشريحة كبيرة من الشباب والمؤثرين والشركات للترويج لمنتجاتها.

إن الاكتساح الكبير للتطبيق الصيني أثار قلق ومخاوف السوق العالمية حتى بات التطبيق الأكثر تنزيلاً على متجر تطبيقات أبل متجاوزاً الفيس بوك واليوتيوب والإنستغرام، ما جعل الكثير من الدول في العالم تبدي قلقها وتلجأ إلى محاولة حظره أو التخويف من استخدامه بدواعي تتعلق بالمحتوى الذي يُعتقد أنه فاحش وغير أخلاقي ومشجع على الإباحية وخطر على الأطفال أو بمخاوف تتعلق بالأمن القومي وانتهاك خصوصية الأفراد والمعلومات المظللة.

إن المحتوى على جميع منصات التواصل الاجتماعي تعتمد على مستوى فهم وإدراك وثقافة صانع المحتوى نفسه وهي لا تتغير بتغير القالب الذي يحتويه، وإنما رواجه وانتشاره ومستوى تأثيره يرجع للمتلقي بالدرجة الأولى والذي يملك حرية الاختيار في إضافة ومتابعة ما يهمه ويعجبه، وفي المستقبل سنشهد تدشين المزيد من المنصات الرقمية لذا فإن غرس الوعي هو ما يجب أن نهتم به ونقوم بتعزيزه ونشره سواءً ضمن نطاق الأهل والمدرسة أو من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية، لخلق مجتمع يقض ومحصن قادر على صد أي ظاهرة تهدد بالإخلال بمنظومة القيم والأخلاق.