محمد إسحاق عبدالحميد


هل شعرت من قبلُ بأنك عاجز عن عمل المزيد، وأن كل ما تقوم به لا قيمة له في حياتك، وقررت التوقف عن المحاولة والانكفاء على النفس والاختباء عن الآخرين؟

وإن لم اليأس هو التشا ؤم والاعتقاد أن الواقع لن يتغير مهما حاوت وبذلت من جهد فماذا سيكون إذاً؟


كم من طالب فشل في دراسته الجامعية وحاول رفع درجاته ولكن دون فائدة، فأصيب باليأس وترك المحاولة وعاش مكسوراً يبكي على حاله؟

وكم من عاطل يشعر بالثقل والغثيان عندما يتكلم معه أحدهم عن الفرص في الحياة والوظائف وهو في قرارة نفسه فاقد للأمل يرى أنه لن يعثر على وظيفة أبداً؟

وكم من موظف سعى في تحسين دخله وحياته بشتى السُبل، ولكنه بعد سنوات من المحاولة وجد قدميه تغوصان أكثر وأكثر في الالتزامات وأن واقعه لم يتغير أبداً!!

أقول لهؤلاء وغيرهم ممن يمر بحالة من اليأس والإحباط: تمهلوا، ولا تقطعوا باب الرجاء والأمل، واعلموا أن ما ستكسبونه من اليأس هو المزيد من الألم وتعكر المزاج والمشاعر السوداء التي ستفيض على أرواحكم فتكسوها بالسواد والظُلمة. تمهلوا، فربما الخير لم يأت بعد واقتربتم من الوصول. فكم من قريب توقف وقد كان على موعد مع التغيير وواقع أجمل يبعد عنه خطوات يسيرة. تمهلوا فربما كان سعيكم في غير محله أو لا يرقى لمستوى التغيير الذي تنشدون في حياتكم فجدوا واجتهدوا وابذلوا المزيد واستعينوا بالله تعالى. وربما كنتم تركضون خلف الطموح الخاطئ وما ليس مقدراً لكم فَلِمَ لا تعيدون النظر في اختياراتكم؟ فلعل الطالب يجتهد في ما لا يصلح له من تخصصات وكان الحل هو التغيير وليس المواصلة بالتخصص ذاته، وقد يضع العاطل وظيفة ما نصب عينيه وتناسى الخيارات الكثيرة المتاحة من وظائف وأعمال ومشاريع وحرف ومهارات يمكن الكسب من خلالها، وربما اشتغل الموظف في مشاريع وأفكار لا قيمة لها في الواقع فهو يجتهد ويحرث في أرض قاحلة لا رجاء فيها لثمر ولا لزرع والصواب أن يبحث عن غيرها ويستشير من يُعينه على حُسن التخطيط لها.

وربما كانت طموحاتكم أعلى بكثير من سقف إمكانياتكم وأوقاتكم المتاحة فتشعرون أنكم عاجزون عن حملها دفعة واحدة، كمن يريد نقل جبل من مكانه في سويعات ثم يكتشف أن ذلك مُحال فيتوقف، ولو أنه عمل على نقل حجر كل يوم لانتقل الجبل ولو بعد حين ولكن البعض يستعجل.

ومهما كان الأمر الذي كنت تسعى إليه فلن تحصل إلا على ما قدره الله لك، وما لم يكن مُقدراً ولا مكتوباً لك فلن تناله ولو سرت إليه وجريت دون انقطاع، وفي الموروث الشعبي يقال: «لو جريت جريّ الوحوش غير رزقك ما تِحوش».