كشف مدير مركز العناية بمتلازمة داون أحمد العلي، أن الإحصائيات تشير إلى أنه يوجد ما لا يقل عن 850 حالة من فئة متلازمة داون في البحرين، حيث يزداد العدد بولادة 20 إلى 25 حالة سنوياً.

وأضاف في لقاء مع «الوطن»، أن الجمعية تحضن حوالي 600 حالة منذ تأسيس مركز العناية بمتلازمة داون في 2001، مشيراً إلى أن التشريعات الحالية بحاجة إلى تحديث، كزيادة المخصص المالي وتفعيل قوانين التقاعد المبكر لولي الأمر.. وفيما يلي اللقاء:

ما هي الرعاية المقدمة من قبل الحكومة وتلك التي يقدمها المركز لفئة متلازمة داون؟



- الدولة تبذل الكثير في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من جميع النواحي الصحية، والتعليمية، والاجتماعية، ولا سيما الاندماج في المجتمع، وبالتالي انعكس ذلك على ما تقدمه الجمعية في العديد من خدماتها لأفراد فئة متلازمة داون ومنها:

خدمات التربية الخاصة، حيث تعتمد تطبيق مجموعة من الأساليب التربوية والتعليمية المنظمة مع فئة متلازمة داون بمختلف أعمارهم، وتتمثل في المهارات الحركية، الإدراكية، الاجتماعية، الرعاية الذاتية، والمهارات الأكاديمية «القراءة والكتابة والحساب» والتي تشمل: التدخل المبكر، وهو نظام متكامل من الخدمات التربوية، العلاجية، والوقائية، تقدَّم للأطفال من ذوي متلازمة داون منذ الولادة وحتى 6 سنوات؛ يهدف إلى وقاية الأطفال من ذوي متلازمة داون من تفاقم الإعاقة لديهم والحد من آثارها السلبية عليهم.

كما تشمل الجلسات الفردية للتربية الخاصة، حيث تعتمد تنمية قدرات الأشخاص من ذوي متلازمة داون طبقا لبرامج خاصة لكلِّ شخص حسب القدرات الذهنية والعمر الزمني في كافة مجالات النمو.

وتشمل كذلك، علاج النطق والتخاطب، حيث يتمُّ من خلال هذه الوحدة علاج جميع اضطرابات التخاطب لجميع الأفراد من ذوي متلازمة داون بمختلف أعمارهم، ومن هذه الاضطرابات، اضطرابات اللغة مثل تأخر نمو اللغة عند الأطفال، واضطرابات الصوت، وهي كلُّ ما يصيب وظيفة الصوت من خلل ومتاعب، إلى جانب اضطرابات الكلام والنطق، وهي ما تُؤثر على وظيفة إخراج الأصوات اللغوية - مخارج الألفاظ.

وهناك أيضاً، الفصول الدراسية للإناث والذكور تضم فصولاً دراسية للصغار، من عمر 3 سنوات إلى 9 سنوات، وفصولاً دراسية للراشدين، من 12 سنة فما فوق، حيث يتمُّ تنمية قدرات الطلاب ممن لديهم متلازمة داون في مختلف المجالات الحركية، الإدراكية، الرعاية الذاتية، التنشئة الاجتماعية، والمهارات الأكاديمية والتأهيلية.

وهناك عيادة صحة الفم والأسنان، والتي تمَّ إنشاؤها وتزويدها بأحدث الأجهزة الطبية للعناية بصحة الفم والأسنان، وتشمل خدماتها: إجراء الفحص، تنظيف نخر الأسنان، علاج العصب، خلع الأسنان، وعلاج التهابات اللثة بالإضافة إلى برامج إرشادية ووقائية لكيفية العناية بالأسنان.

كما أن هناك تكنولوجيا التعليم، حيث ترتكز تكنولوجيا التعليم على توظيف التقنية الحديثة في الارتقاء بالقدرات المعرفية، الإدراكية، اللغوية، والأكاديمية لمن لديهم متلازمة داون، وكذلك تدريبهم على استخدام الحاسب الآلي واستخدام برامجه بشكلٍ صحيح بما يتماشى وقدرات كلِّ فرد، بالإضافة إلى توظيف الوسائل التعليمية السمعية والبصرية التي تعمل على توسيع مجال الحواس وتسهل على المتعلم التفاعل مع البيئة.

وهناك، برنامج التوظيف، حيث يهدف هذا البرنامج إلى تدريب الكفاءات من ذوي متلازمة داون على المهارات التي تؤهلهم إلى سوق العمل بكفاءة وتميز.

هل تعد المخصصات المالية «مخصص الإعاقة» كافية لتغطية مصروف الشخص المصاب بمتلازمة داون؟

- يمكن أن يكون مبلغ الـ100 دينار بالنسبة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة كافياً، ولكن للشباب منهم فلا، فلهم التزامات كثيرة وبشكل شهري فالمخصص غير كاف لهم خصوصاً إذا كان يحتاج إلى علاج طبيعي وعلاج نطق، فهي مكلفة على الوالدين. وبسبب الظروف وغلاء المعيشه بعض من أولياء الأمور، يقومون بتوفير الأكل الصحي والأدوات الصحية والأدوية من كريمات أكزيما والمعقمات والكمامات بشكل يومي وأيضا يحتاجون لفحص النظر وتوفير نظارة بسبب ما يعانيه من قصر وطول نظر في كلا العينين وهذا يتطلب مبالغ مرتفعة في ظل عمل ولي الأمر البسيط أو التقاعد مما جعل ميزانية الأسرة ضعيفة لكونهم يتلقون عناية خاصة ومتعبة في نفس الوقت.

ونظراً لأن المخصص قليل نسبياً بالنسبة لاحتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة، فلا يستطيع ولي الأمر توفير مكان أو حجرة خاصة له كونه في غرفه صغيرة مشتركة مع إخوانه. وخصوصاً في الأوضاع مثل فترة جائحة كورونا.

ولا ننسى أيضاً حاجتهم إلى تدريب الطفل في مراكز متخصصة تشمل النطق والتربية الخاصة والأنشطة الرياضية المختلفة، وجميعها تتطلب رسوماً خاصة مرتفعة فإن المخصص لا يكفي لتغطية تلك الالتزامات ويتحمل ولي الأمر تكلفتها في حال رغبته لخضوع الطفل لمثل هذه الجلسات أو المدراس.

ـ هل التشريعات المتعلقة بحقوق المعاق كافية أم مازال هناك حاجة لمزيد من التشريعات؟

التشريعات جيدة وإذا كان هناك تشريعات أفضل من الحالية فلا بأس بذلك، مثل زيادة المخصص المالي والتسهيل على أولياء الأمور من تخليص الأمور الرسمية لأولادهم ولذويهم وتفعيل قوانين التقاعد المبكر لولي الأمر الذي يرعى الابن من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعديل دوام ولي الأمر إلى أقل من المعتاد بساعتين.

أيضاً زيارة المستشفيات للعلاج، فللأسف لا يوجد أي استثناء لذوي الاحتياجات الخاصة للدخول على الطبيب ويجب على ولي الأمرانتظار دوره مثل الأشخاص العاديين. وأيضا أغلب البنوك تصر على ولي الأمر إذا أراد فتح حساب لابنه أن يحضر بعض الأوراق من إدارة أموال القاصرين إذا كانت الأم مطلقة. القائمون على الجمعية، لديهم طموح بتعديل التشريعات لكي تواكب الدول المتقدمة من تطوير في مدارس الدمج والمراكز الاجتماعية، لضمان حصول الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة على كافة حقوقه في البحرين.

هل حققت بطاقة المعاق الهدف المرجو منها؟

- لا شك في أن بطاقة المعاق، حققت بعضاً من الأهداف المرجو منها، ولكن يجب أن يأخذ ما يتم التعامل به مع المعاق في الدول الأكثر تحضراً بعية الاعتبار، والتي تقدم تسهيلات أكبر للمعاقين وتعطيهم الأولوية في كل مجال، ولكن فمثلما هناك مسار خاص في جسر الملك فهد، يجب أن يكون في المطار أيضاً مسار خاص لذوي الاحتياجات الخاصة، مما سينعكس على المملكة لدى الزائر بأنها بلد متحضر فكرت بذوي الاحتياجات الخاصة بتسهيل أمورهم.

لا شك في أن بطاقه ذي الاحتياجات الخاصة يجب أن تخدم أولادنا في المجالات المهمة كالمستشفيات. مما لاحظنا أنه لا يتم تخصيص غرفة خاصة كون الأم تنام معه في فترة علاجه بالمستشفى أو حتى تخفيض في الغرف الخاصة، كذلك إذا تم طلب تقرير من المستشفى يأخذون رسوما من ذوي الاحتياجات الخاصة وهذا طبعاً في المستشفيات الحكومية والخاصة. وأيضاً تسهيل في الدخول، بحيث يقتصر الانتظار لفترة طويلة وحتى في الإجازات المرضية يقتصر على يوم واحد إجازة فقط، كونه يحتاج إلى أكثر من يوم لأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة ويعاني من أمراض القلب وضيق تنفس.

وبما أننا في الجمعية بدأنا في مشروع تشغيل الأبناء فأصبحوا موظفين في بيئات عمل فأولياء الأمور يجدون صعوبة في إيجاد موقف قريب لاستلام الأبناء وذلك لعدم استطاعة ولي الأمر الوقوف في مواقف أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة مع كون ولي الأمر يملك بطاقة ذوي الاحتياجات الخاصة مع ذلك لا تخدمه أحياناً.

ما هو تقييمكم لآلية التعليم «آلية الدمج» هل تحتاج لتعديل؟

- آلية التعليم لا بأس بها ولكن تحتاج إلى تعديل، يمكن الاضطلاع على التجارب الموجودة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، مثل التجربة السعودية والتجربة الإماراتية وذلك للوصول لأبنائنا لمستويات أعلى. فالأبناء بالإضافة إلى التعليم والتدريب الأكاديمي يحتاجون للتعليم المهني واليدوي وذلك لسهولة العمل اليدوي الروتيني لهم.

وبالنسبة لآلية الدمج في المدارس الحكومية والمناهج، تحتاج إلى تعديل من ناحية المنهج المتخصص لهم وبالتالي يضطر ولي الأمر إلى إخضاع الطفل لجلسات في مراكز متخصصة حيث لاحظوا الفرق في مستوى الطفل وهذا يعد تكاليف عليهم. وأيضاً الحاجة إلى وجود كفاءات وخبرة البحرينيين لإعطاء برنامج للنطق والتعليم كذلك التركيز في نقاط ضعفهم من القراءة والكتابة.

في الآونة الأخيرة استحدثت جمعية التعليم والتدريب الافتراضي عن طريق برنامج «زوم» بشكل مباشر مع ولي الأمر والطفل مما جعلنا نتواصل ولا ننقطع عن التعليم والتدريب، فهذا الجهد ملموس لدى أولياء الأمور بسبب توجيهات القائمين على الجمعية بمواصلة ومساندة الطلبة وأولياء الأمور.

ما هي الصعوبات التي يواجهها الأشخاص من فئة داون في التوظيف؟

- لا شك في أن هناك صعوبة كبيرة في توظيف الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام ومتلازمة داون بشكل خاص، ولكن القائمين على الجمعية اتخذوا خطوات جريئة في هذا المجال من خلال مشروع توظيف الشباب هو الأول من نوعه من حيث التطبيق، حيث قامت الجمعية بتوظيف 19 من الشباب والشابات في المرحلة الأولى التي بدأناها في العام 2018.

والتميز في المشروع هو من ناحية أننا في الجمعية وفرنا «موظف ظل» (Staff Shadow) يلازم موظف متلازمة داون في بيئة العمل بعد أن يجتاز التدريب اللازم لمدة 6 أشهر وحتى سنة في بيئة مماثلة للبيئة الحقيقية. كما أنه هناك معايير يتم النظر لها قبل اختيار الشاب أو الشابة للوظيفة.

يعد هذا المشروع الرائد من أسمى المشاريع التي تصبو إليها سياسة الجمعية، وهي دمج هؤلاء الشباب مهنياً، وجاء ذلك بفضل الدعم المقدم إلينا من قبل المؤسسات والبنوك، بعد أن أثبتت التجربة جدواها لما حققته من فوائد جمة تجاه هؤلاء الشباب وأسرهم.

ونحن بصدد البدء في المرحلة الثانية، فور إعطائنا الضوء الأخضر من الجهات الرسمية مثل وزارة الصحة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتمكين الداعم الرئيس للمشروع الذي توقف بسبب جائحة كورونا (كوفيد19).

ولا ننسى التفاعل الكبير للمجتمع البحريني مع موضوع التوظيف، حينما يرون أولادنا في هذه البيئات مما يعطيهم دفعة إيجابية لهم ولنا، وكذلك الدور الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في فتح باب الأمل لتوظيف هذه الفئة كبير، وعليه نقدم الشكر لجميع المؤسسات الداعمة لمشروع التوظيف وهي مطاعم مكدونالدز، مجموعة الراشد – سنتر بوينت، بنك البحرين الوطني، مجموعة ماجد الفطيم – كارفور، ومستشفى رويال.

ونناشد وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإعطاء أبنائنا من متلازمة داون الفرصة لدمجهم في القطاع العام في وظائف بسيطة، مثل مراسل أو مساعد خدماتية، حتى لا يقتصر عملهم في القطاع الخاص فقط. وهذا أبسط حق يحصل عليه كونه يمتلك قدرات إدراكية وحركية للوظيفة.