هدى عبدالحميد

أكد ناشطون اجتماعيون أن ازدياد أعداد المشعوذين المدعين العلاج الروحاني عبر الفضاء الإلكتروني بإنشاء حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي يدعون خلالها معرفة الغيب أو المساعدة في زيادة الرزق وجلب الحبيب وتسهيل الزواج وحل المشاكل بقصد الحصول على أموال غير مستحقة من المواطنين، يعود إلى تغير التركيبة السكانية وتداخل الأعراف والعادات وغياب الوازع الديني، لافتين إلى أن من يلجأ إليهم هم ضعاف النفوس الذين يفتقدون الوازع الديني القوي الذي يحيدهم للاستعانة بمثل هؤلاء الأشخاص لحل مشاكلهم، مطالبين بضرورة تكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية ونشطاء التواصل الاجتماعي من أجل التصدي لتلك الممارسات التي أصبحت تشكل خطراً كبيراً على تماسك المجتمع.

وفي هذا الشأن، قالت أستاذ في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة البحرين دنيا أحمد إن ممارسة أعمال السحر والشعوذة آفة خطيرة تهدد أمن المجتمع واستقرار بنيانه، وتمزق أواصر المحبة وروابط الأخوة بين أفراد المجتمع، وذلك يتنافى مع قيم الدين الحنيف، إلا أن هناك بعض ضعاف النفوس يلجؤون إلى الدجالين بعد إصابتهم باليأس في مشكلة واجهتهم آملين حلها.



وحول أسباب ازدياد أعداد المشعوذين الدجالين ممن يطلقون على أنفسهم المعالج الروحاني، قالت أحمد إن هذه الزيادة تعود إلى الفراغ الوجداني والابتعاد عن التدين، والابتعاد عن الأسرة الممتدة، وتغير التركيبة السكانية "الأحياء والجيران" إلى مناطق سكنية متفرقة وتغير التركيبة السكانية وتداخل الأعراف والعادات، وهي نفس الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص يستعينون بهم.

وعن عرض هؤلاء المدعين العلاج الروحاني إعلاناتهم بشكل علني مستغلين الفضاء الإلكتروني بالإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قالت أحمد: "كان السوق في البداية مفتوحاً، فكلما كان عليه إقبال يزداد، ولو نلاحظ الحركة التاريخية لهذه الروحانيات كانت تعرض بالمجان سابقاً وكنا نراها في حدائق كثيرة من دول العالم، بل كانوا ينظمون سفرات مجانية لهذه المراكز لنشر هذا الفكر، وما إن يتجذر يتحولون إلى مسوقين للفكرة".

وحول اعتبارها ظاهرة اجتماعية أكدت أنه لقياس الظواهر مقاييس معينة، ولا يمكن إطلاق لفظ ظاهرة على كل شيء، لكنه موضوع يستحق أن يتوقف عنده الباحثون لقياسه من اتجاهات مختلفة.

من جانبه، رفض الناشط الاجتماعي أسامة الشاعر تزايد إعلانات المعالجين بالروحانيات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بزعم حل مشكلات المواطنين وتحقيق أحلامهم ومنحهم قوى خارقة، مؤكداً أن أغلب هؤلاء المعلنين لا يمتون بصلة للعلاج الروحاني الصحيح الذي يعتمد على القرآن الكريم والطب النبوي الصحيح.

وقال الشاعر إنه عايش عدداً من تجارب أشخاص يعرفهم بشأن العلاج الروحاني، وتبين له جيداً أن عدداً كبيراً من هؤلاء المعالجين يعتمدون كلياً على تحقيق الربح من وراء لجوء المواطنين إليهم لحل مشكلاتهم، وغالباً ما يلجؤون إلى طرق ومسميات توقع المواطن في دائرة الشبهات الإيمانية؛ لأنها تعتمد على التنبؤ والغيبيات، وهي التي نهى عنها الإسلام فالغيب لا يعلمه إلا الله.

وأضاف الشاعر أنه يجب التكاتف بين كافة الجهود الحكومية والمجتمعية ونشطاء التواصل الاجتماعي من أجل التصدي لتلك الحملات المتزايدة، التي أصبحت تشكل خطراً كبيراً على تماسك المجتمع وظاهرة سلبية تدعو إلى الابتعاد عن التمسك بتعاليم الدين الإسلامي، والتعلق بالوثنيات والتنبؤ بالغيب، بقصد الحصول على أموال غير مستحقة من المواطنين، ما يستوجب ضرورة تدشين حملات توعوية لمنع نشر تلك الإعلانات المزيفة والمضللة.

وأكد الشاعر أن هناك من يمارس العلاج الروحاني بشكل شرعي وهو من يستمد قوته وفاعليته من القرآن الكريم والسنة النبوية والأحاديث الصحيحة، التي تدعو إلى تعزيز الإيمان بالله وترسيخ العقيدة بأن الله سبحانه وتعالى هو الشافي ولا راد لقضائه، وأن هذه الروحانيات ما هي إلا وسيلة فقط وتحقق نتائجها بإذن الله تعالى، وهو أهم شروط العلاج الروحاني الصحيح دون أن يُدخل في نفس المريض أو المتضرر ذرة من الشرك بالله وهو ما يتنافى مع دعوات المعالجين الروحانيين الذين يعتمدون على فصل الروح عن الجسد والتنبؤ والتوقعات وما وراء الطبيعة وغيرها من العلوم التي ترسخ فكرة الشرك بالله من خلال التمسك بقوى الطبيعة والجماد وقراءة الغيب، وهو ما نهى عنه ديننا الإسلامى الحنيف.