أحمد التميمي

في عام 1893، أي قبل 127 سنة سجل اللاعب الاسكتلندي ويلي غروف رقماً قياسياً كأغلى لاعب في العالم عندما انتقل من ويست بروميتش ألبيون إلى أستون فيلا بمقابل 13 ألف جنيه إسترليني فقط ! أي ما يعادل 100 ألف إسترليني بأسعار اليوم. بينما وفي عام 2016، يتربع الفرنسي بول بوغبا على عرش أغلى لاعبي العالم بصفقة انتقاله البالغة 89 مليون جنيه إسترليني (105 مليون يورو)..

في عام 2009 وبعد انتقال البرتغالي كريستيانو رونالدو الى ريال مدريد قادماً من مانشستر يونايتد بـ94 مليون يورو، صرح ميشيل بلاتيني بأن ذلك يعتبر تحدياً صريحاً لفكرة اللعب النظيف، مما مهد لإطلاق قانون اللعب النظيف في عام 2011 للحد من ارتفاع أسعار اللاعبين وخسائر الأندية، حيث ينص القانون على ألا يتجاوز إنفاق النادي معدل إيراداته.



لكن الانتقادات لارتفاع أسعار اللاعبين ليست وليدة اللحظة، ففي 1938 أثار انتقال براين جونز إلى وولفرهامبتون ووندرز مقابل 14 ألف جنيه إسترليني، حفيظة السياسيين في إنجلترا، حتى أن الأمر قد وصل للمناقشة في مجلس اللوردات البريطاني..!!

وبالحديث عن التضخم، انتقل ديفد بيكهام من مانشستر يونايتد إلى ريال مدريد وهو في قمة عطائه بمقابل 36 مليون يورو في 2003، في صفقة وصفها اللاعب بـ»الحلم»، فهل تساءلت يوماً كم سيكون مبلغ الصفقة بأسعار اليوم؟ باحتساب معدل التضخم، فإن قيمة الصفقة ستكون 44 مليون يورو، أي ما يقارب بعض الشيء قيمة صفقة انتقال دانييلو دا سيلفا ( المتواضع المستوى) من ريال مدريد إلى مانشستر سيتي!

وبمقارنة أسعار اللاعبين في حين انتقالهم مع معدل التضخم، نجد أن النجم الفرنسي زين الدين زيدان الذي انتقل إلى ريال مدريد الإسباني مقابل 75 مليون يورو في عام 2001، ما زال يتربع على عرش أغلى اللاعبين حيث تبلغ قيمة صفقته بأسعار اليوم 188 مليون يورو!

وهنا يكون السؤال، هل المبالغ التي تدفع من أجل صفقات اللاعبين تؤتي ثمارها من حيث العائدات المادية على الأندية؟

بالعودة للحديث عن زين الدين زيدان، فإن عائدات ريال مدريد من الصفقة قد بلغت 138 مليون يورو، ما يقارب ضعف مبلغ الصفقة! كما أن انتقال سيرجيو أغويرو إلى السيتي في 2011 مقابل 45 مليون يورو، قد حقق عائدات تبلغ 169 مليون يورو، أي أن العوائد كانت 3 أضعاف قيمة الصفقة. أما البرتغالي كرستيانو رونالدو قد حقق نسبة عوائد تبلغ 433%!

يعزي العديد من المراقبين سبب الارتفاع الكبير في أسعار لاعبي كرة القدم إلى تدفق الأموال العربية –أو أموال النفط كما يطلقون عليها- وأموال رجال الأعمال الصينيين الذين بدؤوا بغزو أسواق الكرة الأوروبية مؤخراً سبقهم في ذلك رجال الأعمال الأمريكيين والروس . ومن الجانب الآخر، فإن احتكار الأموال في خمسة أندية كبرى في أوروبا (ريال مدريد- برشلونة- مانشستر يونايتد- مانشستر سيتي- باريس سان جيرمان) قد ساهم بشكل كبير في ارتفاع بالغ في قيمة الصفقات.

أما السؤال الآخر الذي يجب طرحه، هل سوق كرة القدم العالمية والأوروبية على وجه الخصوص مقبلة على أزمة اقتصادية-كروية على غرار الأزمات الاقتصادية نتيجة تضخم العقار قبل بعض سنوات وأدت إلى إفلاس دول وليس بنوك وشركات فحسب..

في يونيو 2017، مع تردد أنباء عن وصول القيمة السوقية للاعب الفرنسي إمبابي لـ170 مليون يورو والبرازيلي نيمار إلى ما يفوق الـ200 مليون يورو، حذرت صحيفة «الماركا الإسبانية» من تأثيرات سلبية اقتصادية وفنية قد تطال كرة القدم الأوروبية بسبب تضخم الأسعار. وبشكلٍ عام، فإن احتمالية حدوث أزمة اقتصادية في عالم كرة القدم أو «تصحيح السوق» كما يحلو لأهل الاقتصاد تسميتها، قد باتت أمراً وارداً. فهل سنصحو يوماً على خبر انهيار الأسواق الكروية ؟!