بدأت السلطات الإيرانية، الإثنين، تطبيق خطة جديدة لفرض الحجاب على الإيرانيات، تشمل فرض غرامات مالية عبر المخالفات المرورية.

يأتي ذلك بعد مرور أربعة أشهر على الاحتجاجات الدموية في إيران، ورغم قرار السلطات الشهر الماضي، تعطيل وإغلاق شرطة الآداب والأخلاق التي تلاحق الفتيات بذريعة عدم الالتزام بالحجاب المفروض عليهن منذ عام 1979.



الخطة الجديدة التي أعلن عنها مسؤول في الداخلية الإيرانية، في حديث لوكالة أنباء "فارس نيوز"، تشمل تطبيق الغرامات المالية على المركبات والسيارات التي تقل نساء غير محجبات أو اللاتي يقودن سيارتهن الشخصية دون حجاب.

وقال المسؤول الإيراني، الذي لم يكشف عن هويته، إن "الجهات المختصة بدأت منذ يوم أمس، إرسال رسائل نصية عبر الهواتف المحمولة للسيارات المخالفة التي تقوم بنقل النساء من دون حجاب أو عدم الالتزام به".

وأطلق المسؤول الإيراني على هذه الخطة التي قال إنها بدأت في عموم المحافظات، اسم "ناظر 1"، مضيفاً أن الرسائل النصية تحمل عنوان "كشف الحجاب في السيارات".

وبعد بدء الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، تم إيقاف إرسال هذه الرسائل النصية المتعلقة بـ "الحجاب الإلزامي"، وما يتعلق به من فرض "غرامات مالية" أو "حجز سيارة" لفترة زمنية قصيرة.

وبعد وفاة مهسا أميني في معتقل شرطة الآداب والأخلاق منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، نتيجة عدم التزامها بالحجاب، وبدء الاحتجاجات على مستوى البلاد، تم تجميع سيارات دورية شرطة الأخلاق في المدن.

وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، لم يتم إرسال رسالة التحذير الخاصة بالحجاب إلى أصحاب السيارات، كما ظهرت بعض الإيرانيات في الشوارع والمراكز العامة بدون حجاب.

"تقوية البرامج القمعية"

في سياق متصل، اعتبر موقع "سحام نيوز" الإصلاحي الإيراني، تنفيذ المرحلة الجديدة من خطة "ناظر 1" وإرسال رسائل نصية لأصحاب السيارات التي تتواجد فيها سيدات بلا حجاب، "محاولة من النظام لتقوية برامجه القمعية ضد النساء".

وأضاف، في تقريره، أن "التقارير الواردة من أجزاء مختلفة من إيران تشير إلى أن سيارات الشرطة تمركزت في الساحات الرئيسية بالمدن في الأيام الأخيرة وفرضت غرامات على السيارات التي تقودها النساء دون الحجاب".

وأوضح: "كما تعرضت مراكز التسوق وأصحاب المتاجر للتهديد، بالإغلاق إذا قبلوا دخول نساء بلا حجاب"، مضيفا "من الأمثلة الواضحة على هذه التهديدات، إغلاق مجمع مهر السياحي على الطريق السريع بين طهران وقم بسبب استقبال نساء بلا حجاب".

وموضوع الحجاب الإجباري الذي أصبح أحد الخطوط الحمراء للنظام منذ بداية الثورة عام 1979، أصبح له الآن منتقدون في قلب الحكومة بعد بداية الاحتجاجات وقتل مهسا أميني.

وأشار التقرير الإيراني إلى أن "هناك شريحة واسعة من المجتمع ترى أنه بعد الاحتجاجات الأخيرة، لا يمكن العودة إلى فرض الحجاب كما في السنوات الماضية".

واستشهد التقرير بما ذكره رجل الدين المتشدد رضا عاملي، أمين مجلس الثورة الثقافية الإيراني، الذي قال في برنامج تلفزيوني في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، إن "هذا المجلس ليس لديه أي قرار تحت عنوان دورية الإرشاد والأخلاق وتحدث عن "ضرورة التعامل بشكل طبيعي مع النساء بلا حجاب".

ويبدو أن مثل هذه الكلمات والمواقف التي عبّر عنها بعض أعضاء الحكومة والمؤسسات الحكومية بقصد إطفاء نيران الاحتجاجات، أصبحت الآن غير فعالة بأمر من قادة النظام، بمن فيهم علي خامنئي.

"مؤامرة"

وقال النائب العام للبلاد محمد جعفر منتظري، في نهاية ديسمبر/كانون أول 2022، إن القانون جعل الحجاب واجباً، ويجب على النساء الالتزام بالحجاب لحماية أنفسهن وأسرهن، مضيفا "إذا تم كشف الحجاب ووصلت إلى مرحلة تتضح فيها هذه الجريمة، فإن الجهات المعنية ستؤدي واجباتها".

وعزت السلطات الإيرانية مرارًا وتكرارًا مطالب غالبية المجتمع، بما في ذلك الحق في حرية الملبس، إلى "مؤامرة" الحكومات الغربية.

وشعبيا، أظهرت استطلاعات رأي مستقلة في السنوات الأخيرة، رغبة غالبية النساء والرجال في المجتمع الإيراني في إلغاء قانون الحجاب الإلزامي.

كما أن نتائج استطلاع أجرته وزارة الداخلية، أظهرت أن حوالي 37٪ فقط من الإيرانيين يريدون استمرار الحجاب الإلزامي للمرأة.

وتظهر تقارير الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان في العقود الأخيرة أنه قبل وفاة مهسا أميني وأثناء فعاليات دورية الأخلاق والإرشاد، تم اعتقال عشرات الآلاف من النساء والفتيات في مدن مختلفة من إيران لعدم ارتدائهن الحجاب الكامل.

وبدأت دورية الإرشاد لقمع المرأة رسمياً في صيف عام 2006، ووصف أحمد رضا رادان، قائد شرطة طهران آنذاك، من إطلاق هذه الدورية بأنه "محاربة كراهية النساء للحجاب".

وقبل ذلك التاريخ، كانت مهمة التعامل مع النساء بلا حجاب وحتى الرجال الذين يرتدون ملابس قصيرة أو ضيقة من مسؤولية "لجنة الدورية" بإشراف قوات الباسيج وكذلك قوات الحرس الثوري.

رفض واسع

في المقابل، رفض نشطاء ومغردون إيرانيون خطوة عودة فرض الغرامات المالية على النساء اللاتي لا يلتزمن بالحجاب أثناء قيادة السيارة أو صعودهن في مركبات نقل أخرى.

وقالت مغردة إيرانية تدعى "ساري" عبر "تويتر"، إنه: "يعتقد غير الشرفاء أن الثورة (الاحتجاجات) ستتوقف بالرسائل والتهديدات والغرامات، والنساء الإيرانيات خائفات".

من جانبه، قال الناشط "كامران بارنجي"، إن الفارق الكبير بين الرسائل النصية الجديدة من كشف الحجاب والرسائل السابقة هو إزالة الطبيعة الإجرامية لمخالفة الحجاب الإلزامي، إذ وافقت الشرطة عمليًا على أن نزعه لم يعد جريمة.

مواقف منددة بـ"التجسس"

من جهة أخرى، وصفت الباحثة في الشؤون الاجتماعية والمرأة الإيرانية، نيره توكلي، قيام الشرطة بتطبيق خطة الغرامات، بمحاولة لـ"دق طبول العنف"، معتبرة أن هذه الخطة هي "خطوة للتجسس على خصوصيات المجتمع".

وأضافت توكلي في حديثها لموقع "انتخاب" الإيراني، قائلة إن "جيل اليوم لديه خيار مختلف من حيث الملابس ولا يمكن إجبار الناس على قبول شيء عن طريق الإكراه أو العقاب"، مشددة على أن "التحريض على هذه القضايا وإرسال رسائل تحذيرية بشأن الحجاب هو مثال على العناد ودق طبول العنف، وهي أبسط طريقة ممكنة".

فيما رأى المحامي الإيراني "نعمت أحمدي"، أن تطبيق خطة فرض الغرامات على غير الملتزمات بالحجاب أثناء وجودهن في السيارات، مخالفة قانونية، مبيناً أن "السيارة هي مثال ملموس لخصوصية الأفراد".

وأوضح:"السيارة مثال ملموس لخصوصية الناس، فليس من القانوني أن تخترق مؤسسة ما، هذه الخصوصية وتحاول أن تأمر الأشخاص وتطبق عليهم غرامات"، لافتاً إلى أن الخطوة تحتوي بأكملها على جانب من البحث والتجسس في حياة الناس".

فيما عدً حسن كيا، عضو نقابة المحامين الإيرانيين، هذه الخطوة محاولة من السلطات لتشديد الرقابة أكثر على المجتمع.