السلطات البريطانية اتجهت لإخفاء حقيقة تعرض البلاد لضربات بصواريخ فاو 2 لتجنب إثارة حالة من الهلع بالبلاد

خلال فترة الحرب العالمية الثانية، نجحت ألمانيا في تطوير العديد من الأسلحة التي منحتها تفوقا تكنولوجيا وساعدتها بمعاركها على مختلف الجبهات. ومن ضمن هذه الأسلحة، يذكر التاريخ صواريخ فاو 2 (V2) التي أنتجها واستخدمها الألمان بالسنوات الأخيرة من الحرب.

وفي الأثناء، مثل فاو 2، الذي لعب المهندس الألماني والمسؤول المستقبلي بناسا فيرنر فون براون (Wernher von Braun) دورا كبيرا في تصميمه، أول صاروخ باليستي موجه بعيد المدى يستخدم خلال حرب.

ظهور صواريخ فاو 2 بألمانيا

حسب التصاميم الألمانية، قدر وزن الصاروخ الباليستي فاو 2 بنحو 12.5 طن بينما بلغ طوله 14 مترا. من جهة ثانية، زود هذا الصاروخ، الذي تجاوزت سرعته القصوى 5 آلاف كلم بالساعة، برأس حربي بلغ وزنه ألف كيلوغرام من مادة الأماتول (Amatol)، شديدة الإنفجار، التي كانت خليطا من تي إن تي (TNT) ونترات الأمونيوم.

ولاستخدام صواريخ فاو 2، اتجهت القوات المسلحة الألمانية، المعروفة بالفيرماخت (Wehrmacht)، لتكوين فرق مختصة تحت إشراف الجنرال إريش هاينمان (Erich Heinemann). وبحلول أواخر العام 1943، امتلكت ألمانيا 3 فرق مختصة، تابعة للفيرماخت، بمجال استخدام صواريخ فاو 2 الباليستية التي تجاوز مداها 300 كلم. لاحقا، اتجهت قوات الأس أس (SS)، عقب تعاظم دورها بالبلاد، لتكوين فرقها الخاصة المختصة بالصواريخ الباليستية.

بادئ الأمر، حددت القيادة العسكرية الألمانية مواقع واتن (Watten) وويزرنس (Wizernes) وسوتفاست (Sottevast) المحصنة بالشمال الفرنسي لإطلاق الصواريخ. ومع تزايد عمليات القصف التي شنتها طائرات الحلفاء ضدهم، اتجه الألمان للتخلي عن فكرة مواقع الإطلاق الثابتة مؤكدين على أهمية اعتماد مواقع الإطلاق المتنقلة.

استخدام صواريخ فاو 2

يوم 29 آب/أغسطس 1944، أصدر أدولف هتلر أوامر بتسريع دخول صواريخ فاو 2 الخدمة. ونزولا عند رغبة هتلر، أطلقت الفرق المختصة بالفيرماخت يوم 7 أيلول/سبتمبر 1944 أول صاروخين فاو 2 تجاه العاصمة الفرنسية باريس التي حررها الحلفاء بوقت سابق من العام نفسه. إلى ذلك، فشل هذان الصاروخان في بلوغ هدفهما حيث سقطا بعد فترة وجيزة من إطلاقهما. وباليوم التالي، استهدف الألمان باريس مجددا بصاروخ آخر، من نوع فاو 2، ألحق أضرارا بسيطة ببوابة بورت ديتالي (Porte d'Italie) بباريس.

وبنفس اليوم، أطلق الألمان صاروخين آخرين، بالقرب من منطقة لاهاي بهولندا، تجاه العاصمة البريطانية لندن. وقد وقع الصاروخ الأول عند شارع ستافيلي (Staveley) بمنطقة تشيزويك (Chiswick) بلندن وتسبب في مقتل 3 أشخاص. وفي المقابل، وقع الصاروخ الثاني بمنطقة بعيدة دون أن يتسبب بأضرار.

بادئ الأمر، اتجهت بريطانيا لإخفاء حقيقة الصواريخ الألمانية وتحدثت عن انفجارات بسبب أسطوانات الغاز لتجنب إثارة الهلع بين السكان وحرمان الألمان من المعلومات حول مدى فاعلية صواريخهم عقب انفجارها. ومع إعلان الألمان بشكل رسمي عن استخدامهم لصواريخ فاو 2 خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1944، اتجه رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل للاعتراف بالحقيقة مؤكدا على تعرض بلاده لهجمات مكثفة بصواريخ فاو 2 منذ أسابيع.

خلال فترة الحرب العالمية الثانية، استخدم الألمان، حسب تقارير الحلفاء، 3172 صاروخ فاو 2. وبينما استهدفت بريطانيا بنحو 1402 صاروخ، سقط 1358 منها بلندن، استهدفت بلجيكا ب1664 صاروخ فاو 2 سقط 1610 منها بمدينة أنتويرب (Antwerp).

وبلندن، أسفرت هجمات صواريخ فاو 2 عن مقتل 2754 شخص وإصابة ما يزيد عن 6 آلاف آخرين، وفي المقابل، أحصت أنتويرب 1736 قتيلا، بحلول آذار/مارس 1945، وما يزيد عن 4500 مصاب بسبب الانفجارات التي أحدثتها صواريخ فاو 2.