* فرنسا تصفع "إيران الإرهابية" بعقوبات وتجميد أصول واعتقالات

* عملية واسعة لمكافحة الإرهاب تستهدف "مركز الزهراء" الإيراني في فرنسا

* عقوبات باريس على طهران تشمل تجميد أصول إدارة بالاستخبارات الإيرانية



* محلل فرنسي لـ"الوطن": طفح الكيل وماكرون قرر مواجهة نشاطات إيران الإرهابية

* مصدر دبلوماسي فرنسي: وزارة الاستخبارات الإيرانية أمرت بالتخطيط لاعتداء قرب باريس

* باريس: قرارات تجميد الموجودات مرتبطة بخطة الاعتداء ضد مجاهدي خلق

باريس - لوركا خيزران، (وكالات)

"أنشطة إيران الإرهابية على التراب الفرنسي لن تمر من دون عقاب"، بهذا بررت فرنسا عقوباتها على إيران بعد تجميد الحكومة الفرنسية الثلاثاء، أصولاً مملوكة للاستخبارات الإيرانية وأخرى لمواطنين إيرانيين اثنين ردا على مخطط كان يهدف للهجوم على مؤتمر لجماعة معارضة إيرانية على مشارف باريس في يونيو الماضي.

من جانبه، قال المحلل السياسي الفرنسي فرانك سيرغالا لـ"الوطن" إنه "سيكون لتدهور العلاقات مع فرنسا تداعيات أكبر على إيران إذ يأتي في وقت تتطلع فيه حكومة الرئيس حسن روحاني للعواصم الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015 بين إيران وقوى عالمية، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه". وأضاف أن "العقوبات الفرنسية على إيران تؤكد سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضرورة العمل على مواجهة أنشطة إيران الإرهابية والمزعزعة للاستقرار في المنطقة بعد أن طفح الكيل من إيران التي تتصرف كقاطع طريق وليس كدولة"

وأعلنت فرنسا الثلاثاء تجميد أصول رجلين إيرانيين وإدارة الأمن في وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية لمدة 6 أشهر بموجب مرسوم نشر في الجريدة الرسمية. وعرف عن أحد الرجلين على أنه أسد الله أسدي المولود في 22 ديسمبر 1971 في إيران. وهو الاسم نفسه الذي يحمله دبلوماسي إيراني أوقف في قضية التخطيط المفترض للاعتداء على تجمع نظمته مجموعة إيرانية معارضة في فرنسا في يونيو الماضي.

وفي وقت لاحق، أوقف أحد عشر شخصاً صباح الثلاثاء خلال عملية "لمكافحة الإرهاب" قام بها مئتي شرطي واستهدف مركزاً شيعياً ومسؤوليه في بلدة غراند سانت شمال فرنسا.

في الوقت ذاته، تم تجميد أموال "مركز الزهراء في فرنسا"، لستة أشهر وفق نص نشر في الجريدة الرسمية التي صدرت الثلاثاء.

و"مركز الزهراء في فرنسا" هو أحد المراكز الشيعية الرئيسية في أوروبا.

وهو يضم عدة جمعيات بينها "الحزب ضد الصهيونية" و"الاتحاد الشيعي لفرنسا" و"فرنسا ماريان تيلي"، وكلها جمدت أموالها لستة أشهر أيضاً اعتباراً من الثلاثاء، حسب النص نفسه.

وتشتبه السلطات الفرنسية بأن هذه الجمعيات "تشرعن الإرهاب" و"تمجد حركات متهمة بالإرهاب" مثل "حزب الله" اللبناني المدعوم من إيران.

وقالت شرطة باريس إن العملية التي بدأت عند الساعة السادسة "04:00 ت غ" "تندرج في إطار التصدي للإرهاب".

وأضافت أن نشاطات المركز "تجري متابعتها بدقة بسبب تأييد قادته الواضح لمنظمات إرهابية عديدة وحركات تروج أفكاراً مخالفة لقيم الجمهورية".

وأعلنت السلطات الفرنسية أن قرارات تجميد أصول رجلين إيرانيين وإدارة الأمن في وزارة الاستخبارات الإيرانية الثلاثاء مرتبطة بخطة اعتداء أحبطت نهاية يونيو على تجمع لحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في فيلبانت بالقرب من باريس.

وقال مسؤول فرنسي كبير، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام فرنسية، إن "باريس ليس لديها أي شك في مسؤولية عناصر من النظام الإيراني عن مخطط التفجير".

وداهمت السلطات الفرنسية الثلاثاء مركزاً شيعياً وجمدت أصول إدارة تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية وشخصين متهمين بالوقوف وراء خطة أحبطت نهاية يونيو الماضي للاعتداء على حركة إيرانية معارضة في المنفى، الأمر الذي يزيد من تعقيد العلاقات بين البلدين.

وأعلنت السلطات المالية الفرنسية تجميد أصول إدارة الأمن في وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية وإيرانيين لمدة 6 أشهر بموجب مرسوم نشر في الجريدة الرسمية في إجراء متصل بخطة الاعتداء المفترضة على تجمع لحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة قرب باريس.

وكانت سلطات بلجيكا أعلنت في 2 يوليو الماضي إحباط هذه الخطة، وأوقف حينها 3 أشخاص بينهم دبلوماسي إيراني وضُبطت سيارة فيها متفجرات.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن "الاعتداء الذي أحبط في فيلبنت يؤكد الحاجة إلى نهج متشدد في علاقاتنا مع إيران". وسجلت هذه العلاقات تدهوراً منذ ذلك الحين في إطار زاد من تعقيده الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران والذي ترغب فرنسا والدول الأخرى الموقعة في الإبقاء عليه.

وقال وزراء الخارجية والداخلية والمالية الفرنسيون في بيان مشترك "تم إحباط محاولة اعتداء في فيلبنت في 30 يونيو الماضي. هذا العمل البالغ الخطورة على أرضنا لا يمكن أن يبقى بلا رد".

وأضاف البيان الرسمي "بعيداً عن التأثير على نتائج الإجراءات الجنائية المتخذة ضد المحرضين والمنفذين والمتورطين في مشروع الاعتداء هذا، اتخذت فرنسا تدابير وقائية هادفة ومتوازنة على شكل تبني تدابير وطنية بتجميد أصول الإيرانيين السيد أسد الله أسدي والسيد سعيد هاشمي مقدم وكذلك إدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية".

وقال البيان الفرنسي إن "تجميد الأصول استهدف فردين هما أسدالله أسدي وسعيد هاشمي مغدم، كما استهدف أيضاً وحدة تابعة للمخابرات الإيرانية".

ولم تذكر الحكومة الفرنسية تفاصيل بشأن الأصول المعنية ووصفت الإجراءات بأنها "محددة ومتناسبة"، مضيفة أنها تحركت ضد "المحرضين والمخططين والمنفذين" للهجوم الذي تم إحباطه.

وأسد الله أسدي المولود في 22 ديسمبر 1971 في إيران، هو الدبلوماسي الذي كان معتمداً في فيينا وأوقف في ألمانيا للاشتباه بتورطه في قضية التخطيط المفترض لاعتداء فيلبنت. وسمح القضاء الألماني الاثنين بتسليمه إلى القضاء البلجيكي.

وأثرت هذه القضية سلباً على العلاقات الفرنسية الإيرانية وذكرت تقارير صحافية فرنسية أن قرار باريس عدم تعيين سفير في طهران منذ أشهر على صلة مباشرة بها.

وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية في سبتمبر، "نحن بصدد العمل معاً لتوضيح كل ما جرى بشأن فيلبنت"، قبل أن يلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني حسن روحاني في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تطرقا إلى هذا الملف.

وفي شمال فرنسا، نفذت الشرطة عملية "وقائية لمكافحة الإرهاب" استهدفت مقر "مركز الزهراء" ومنازل مسؤولين عنه في غراند سانت. وبررت سلطات المنطقة العملية "بالتأييد الواضح" الذي يعبر عنه قادة من المركز تجاه "منظمات إرهابية"، لكنها لم تقم صلة مع فيلبنت. وجمدت أموال "مركز الزهراء" والجمعيات التي تتواجد في مقره لستة أشهر وفق نص نشر في الجريدة الرسمية كذلك.

وقال مصدر مقرب من التحقيق إن "مركز الزهراء" هو أحد المراكز الشيعية الرئيسية في أوروبا ويضم عدة جمعيات بينها "حزب مناهضة الصهيونية" و"الاتحاد الشيعي الفرنسي" وتلفزيون "فرنسا ماريان تيلي".

وتشتبه السلطات الفرنسية بأن هذه الجمعيات تبرر "التطرف" وتمجد حركات صنفتها فرنسا "إرهابية" مثل "حزب الله" اللبناني المدعوم من إيران.

وإثر المداهمات، وضع 3 أشخاص على علاقة بالمركز قيد التوقيف الاحترازي لا سيما بسبب حيازتهم أسلحة غير مرخصة.

وقالت امرأة تسكن في الحي لفرانس برس طالبة عدم ذكر اسمها إن المركز وجمعياته "عبارة عن مجتمع شديد الانغلاق، لا نعرف الكثير عما يجري في الداخل، هناك في كثير من الأحيان حرس على المدخل".

وفي وقت سابق، ذكرت تقارير أن الحكومة الفرنسية قررت تجميد أصول إحدى الجمعيات الإسلامية شمال فرنسا في إطار عملية لمكافحة الإرهاب، حيث تم إيقاف 11 شخصاً صباح الثلاثاء في عملية استهدفت مركزاً شيعياً ومسؤوليه في بلدة غراند سانت بشمال فرنسا.

وتم تجميد أموال "مركز الزهراء في فرنسا"، لستة أشهر وفق نص نشر في الجريدة الرسمية التي صدرت الثلاثاء.

وذكرت مصادر قريبة من الملف وفي الشرطة أن نحو مئتي شرطي قاموا صباح الثلاثاء بـ12 عملية دهم وتفتيش في مقر المركز ومنازل أبرز مسؤوليه.

وأوضحت أنه تمت مصادرة أسلحة ومواد أخرى وتوقيف 11 شخصاً أبقي ثلاثة منهم محتجزين قيد التحقيق. وذكر مصدر ثان قريب من التحقيق إن "بعض الأفراد الذين فتشت منازلهم يمتلكون أسلحة بطريقة قانونية".

و"مركز الزهراء في فرنسا" هو أحد المراكز الشيعية الرئيسية في أوروبا. وهو يضم عدة جمعيات بينها "الحزب ضد الصهيونية" و"الاتحاد الشيعي لفرنسا" و"فرنسا ماريان تيلي"، وكلها جمدت أموالها لستة أشهر أيضاً اعتباراً من الثلاثاء، حسب النص نفسه

وذكر بيان مشترك لوزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد الفرنسية "أحبطنا محاولة هجوم في فيلبانت يوم 30 يونيو. حادث بمثل هذه الخطورة على ترابنا الوطني لا يمكن أن يمر دون عقاب".

وردا على طلب من "فرانس برس" للتعقيب اكتفى المتحدث باسم السفارة الإيرانية في باريس بالرد قائلاً "أهلاً. شكراً لكم". ولم يصدر أي رد فعل في طهران على الخطوة التي اتخذتها فرنسا.

وكان مخطط التفجير يستهدف اجتماعا عقده المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يتخذ من باريس مقراً، على مشارف العاصمة الفرنسية وحضره رودي جولياني محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدة وزراء أوروبيين وعرب سابقين.

ويأتي القرار الفرنسي بعدما ألقت ألمانيا القبض على دبلوماسي إيراني معتمد في النمسا، بينما ألقي القبض على شخصين آخرين بحوزتهما متفجرات في بلجيكا.

وقضت محكمة في جنوب ألمانيا بإمكانية ترحيل الدبلوماسي إلى بلجيكا.

في السياق ذاته، قال مصدر دبلوماسي فرنسي إن الاستخبارات الإيرانية هي التي أعطت الأمر بتنفيذ الاعتداء الفاشل على إحدى المناطق شمال شرق باريس في يونيو الماضي.

ونقلت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن المصدر قوله إن "وزارة المخابرات الإيرانية خططت لاعتداء تم إحباطه في الـ30 من شهر يونيو الماضي كان سيستهدف معارضين إيرانيين في بلدة فيلبنت شمال شرقي بار".

وتابع المصدر أن "إدارة العمليات التابعة لوزارة المخابرات الإيرانية أعطت الأمر بتنفيذ هذا الاعتداء".

وحذرت فرنسا طهران من أنها "ينبغي أن تتوقع رداً قوياً على إحباط محاولة الهجوم، الأمر الذي فاقم توتر العلاقات الدبلوماسية".

وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لو دريان مع نظيريهما الإيرانيين بشأن هذا الأمر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد المطالبة بإجابات بشأن دور إيران.

وكشفت وكالة "رويترز" أن مذكرة داخلية لوزارة الخارجية الفرنسية ناشدت الدبلوماسيين في أغسطس الماضي بعدم السفر إلى إيران وذكرت أن الأسباب هي مخطط التفجير في فيلبانت وتشدد الموقف الإيراني تجاه الغرب.

كما أجلت باريس ترشيح سفير جديد إلى إيران ولم ترد على ترشيحات طهران لمناصب دبلوماسية في فرنسا. وقالت إدارة الرئيس ترامب إنها تتوقع أن تلحق إعادة فرض العقوبات أضراراً شديدة بالاقتصاد الإيراني.

وطلبت فرنسا في وقت سابق من دبلوماسييها والمسؤولين في وزارة الخارجية تأجيل كل سفرياتهم غير الضرورية إلى إيران إلى أجل غير مسمى، وعزت ذلك إلى تشدد في الموقف الإيراني تجاه فرنسا

بدورها، نفت إيران الثلاثاء الاتهامات التي وجهتها فرنسا إلى دبلوماسي إيراني بالتورط في خطة لتنفيذ اعتداء تفجيري كان يستهدف تجمعاً لمعارضين إيرانيين في المنفى في 30 يونيو لكنه أحبط.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي في بيان صحافي "ننفي بشدة هذه الاتهامات وندين اعتقال الدبلوماسي الإيراني ونطالب بإطلاق سراحه فوراً".