حتى وقت قريب كان النظام الإيراني يعتبر منصات التواصل "نوافذ تجسس" لكن أركانه يقفزون اليوم إلى واجهتها كاشفين بأنفسهم زيف مزاعمهم.

النظام الإيراني الذي ما فتئ يناقض نفسه بنصب المحاكم الأخلاقية لشعبه فحظر المواقع والتطبيقات، زاعما أنها جزءا من الثقافة الغربية وأداة تجسس، لكنه في المقابل أنشأ لنفسه حسابات عبرها، لتكون رقابته تمييزيه وحصرية للشعب.

ففي الليلة الماضية، رصت "العين الإخبارية" عودة رئيس السلطة القضائية ومرشح الانتخابات الرئاسية المقبلة عن التيار الأصولي المتشدد، إبراهيم رئيسي، إلى منصة "تويتر" المحجوبة عن الإيرانيين منذ عام 2009 عقب موجة احتجاجات شعبية مناهضة للنظام قادتها المعارضة الإصلاحية.



كما عاد رئيسي إلى تطبيق التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في إيران "تلغرام" رغم أن السلطات حجبته في أبريل/نيسان 2018 بعد احتجاجات شعبية تفجرت جراء سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

وقد أقدم العديد من المسؤولين الإيرانيين على ترك التلغرام بقرار من السلطة القضائية ذاتها واستخدام تطبيقات محلية من بينها "سروش" و "آتا"، التي لم تلق رواجاً بين الإيرانيين بسبب الرقابة الأمنية.

وما إن كتب رئيسي؛ المرشح المفضل لدى المرشد علي خامنئي، أول تغريدة له عبر تويتر، قال فيها "بسم الله الرحمن الرحيم"، حتى ردّ عليه المرشح عن التيار الأصولي المعتدل والمدعوم من بعض الأحزاب الإصلاحية عبد الناصر همتي.

وحث همتي، في تغريدته الموجهة إلى المتشدد رئيسي، على إصدار قرار برفع الحجب عن منصة تويتر التي تم حرمان الإيرانيين لسنوات من الوصول إليها والاستفادة منها.

وكتب: "الآن بعد أن أنشأ رئيسي أخيرًا حسابًا رسميًا على الشبكات الاجتماعية بعد فترة طويلة، فمن أجل القضاء على التمييز في الوصول والقضاء على قمع الحجب، أطلب منه إصدار أمر بإزالة الحجب عن تويتر من صباح الغد (اليوم الأربعاء) حتى يستفيد الجميع من محتواه".

ويضطر الإيرانيون إلى استخدام برامج لتجاوز الحجب (VPN) للوصول إلى التطبيقات والمواقع المحجوبة في البلاد، فيما يستخدم كبار المسؤولين، بينهم خامنئي والرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، تطبيق تويتر رغم حظره.

وفي أحدث إحصائيات جرى نشرها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بشأن عدد مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، بلغ عدد مستخدمي تلغرام 49 مليونا رغم حجبه، وإنستغرام 47 مليونا، بينما وصل عدد مرتادي تويتر إلى مليوني شخص.

وفي 24 مايو/ أيار الماضي، اعترف أمين المجلس الأعلى الإيراني للأمن السيبيراني، أبو الحسن فيروز آبادي، بأن السلطات في بلاده أفرطت كثيراً في حجب مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.

وقال حينها: "لقد قطعنا شوطاً طويلاً في الحجب وأفرطنا في ذلك، ونحن ندخل الآن حقبة فشل سياسة الحجب التي أصبحت غير فعالة".

وتعد إيران واحدة من أكثر البلدان التي تقوم بالرقابة على شبكة الإنترنت، كما اعتمدت حجب المواقع الإلكترونية بذريعة التحريض على النظام وتهديد أمنها القومي، وبدأت ظاهرة الحجب تتسع مع انطلاق أي احتجاجات مناهضة للنظام.

وفي عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، طرحت إيران في عام 2005، فكرة إنشاء شبكة إنترنت محلية تمنع الإيرانيين من التواصل مع الخارج، ولا يزال هذا المشروع قائماً ويدعمه المرشد خامنئي.

وقامت إيران باختبار هذه الشبكة بشكل عملي عقب قطع شبكة الإنترنت العالمية خلال الاحتجاجات التي اندلعت منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2019 على خلفية رفع أسعار البنزين.