لعله حديث الساعة هذه الأيام ولعله يكون سبباً في تصحيح مسار كثير من الأمور، وأولها التوجهات الإعلامية والبحثية والسياسية تجاه أمور البيئة وانعكاساته على مجتمعنا وبلادنا.

وزير النفط والبيئة محمد بن مبارك بن دينه في لقائه مع «فرانس 24» قدم معلومات صدمت الشارع البحريني من عوام وسلطة تشريعية وبعض المتربصين، منها «البحرين معرضة لمخاطر بيئية»، «تهديد صامت»، «ارتفاع منسوب البحر».

وفي الواقع لم يقدم وزير النفط والبيئة أمراً سرياً أو معلومات مخفية تعرض للمرة الأولى، بل أن هذه المعلومات وغيرها عن التغيرات المناخية وتأثيراتها قيلت وتناقلت في أكثر من مناسبة وفي أكثر من زمان.

ففي نوفمبر الماضي أقيمت فعالية «موسم جائزة يوسف بن أحمد كانو للجلسات الحوارية» والتي ذكرت من خلالها الكثير من المعلومات السابقة بتفاصيل وعن طريق شخصيات ذات باع في مجال البيئة والأبحاث، منها الدكتورة صباح الجنيد، والتي قالت بالحرف الواحد «أن آخر الدراسات التي قامت بها جامعة الخليج العربي لصالح المجلس الأعلى للبيئة بينت إمكانية خسارة مملكة البحرين لحوالي 11% من أراضيها الساحلية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وخصوصاً في المناطق الجنوبية».

ما ذكر سابقاً عن مخاطر التغيرات المناخية معلومات يتم تداولها منذ سنوات عديدة، فقط الخلل أن من سلط الضوء هذه المرة جهة خارجية «وكالة فرنسية» فأصبح الأمر مهماً ونال اهتمام الجميع، حتى الصحف المحلية إعادة نشر المعلومات وكأنها معلومات عاجلة عن البحرين التي ستغرق خلال الساعات القادمة.

هناك من وجه اللوم بشكل مباشر للحكومة بأنها سبب الكارثة القادمة! والمصيبة أن هناك آذاناً تسمع لمثل هذه الاستنتاجات الغريبة، هؤلاء يجهلون كثيراً من الأمور التي تحصل في العالم ولعل الكثير منهم يعتبر أي أمر خارج حدود البلاد أو الخليج العربي أمراً لا شأن لنا فيه، والواضح أنهم لا يسمعون أخبار وتقارير الكوارث الطبيعية حول العالم، ومدى ارتباط هذه الظواهر ببعضها البعض وتأثيرها المباشر وغير المباشر ببعضها.

العالم سنوياً يجتمع في مؤتمر (COP) لجدية الأمر ولأنه مصاب عالمي، هناك بلدان تتعرض حالياً ومنذ سنوات لكوارث مثل الحرائق والفيضانات وجفاف الأراضي، وكل هذه الظواهر نتيجة فساد وجشع الرأسمالية التي ملأت الأرض تلوثاً وخراباً، فالأمر ليس محصوراً في مملكة البحرين دون غيرها بل هي أمور ستحدث في أغلب دول العالم لعدم جدية العالم في إيجاد حلول واقعية للتغيرات المناخية.

هناك دراسات وتقارير محلية وعالمية مهمة تتعلق بمملكتنا والعالم يجب أن تكون ظاهرة للمجتمع عن طريق شخصيات تعلم كيف تقدم المعلومة وتصف الحلول، وسائل الإعلام ومن بينها الصحف ركزت على الخبر الأخير وأظهرته في صفحاتها الأولى، وكان بإمكانها تبسيط الأمور وتوضيح أن ما ذكر أخيراً مواضيع تم مناقشتها وعرضها سلفاً ومنذ عقود.

لن نغرق كبلد أو مجتمع بسبب فقد جزء من أراضينا، بل سنغرق بسبب جهلنا عما تقوم به الدولة من أمور لاحتواء الكوارث القادمة، وبسبب قلة اهتمام العديد من الجهات في وضع المجهود الذي تم في المكان المناسب، فقط نحتاج إلى تسليط الأضواء على الإنجازات و-إن شاء الله- لن نغرق.