إذا رجعنا إلى التاريخ الخاص بالبحرين، لا نرى فيه إلا كل خير ومن نجاح إلى نجاح باستمرار، خاصة في الأيام الأولى للإسلام، وتشرف حاكم البحرين المنذر بن ساوى التميمي باستلام رسالة الدعوة للدخول في دين الله، كما يذكر المؤرخون أن المنذر تسلم الرسالة المحمدية من المرسل بها الصحابي العلاء الحضرمي، واستجاب استجابة طوعية هو وشعب البحرين ودخلوا في الإسلام، وحسن إسلامهم، وأصبحت البحرين القاعدة الشرقية لنشر الإسلام لما يليها من البلدان -جغرافياً- كان اصطلاح البحرين يشمل جزر البحرين والساحل الشرقي من السعودية والكويت إلى عمان.

وحين تكالبت القوى العظمى في العصر الوسيط للاستيلاء على البحرين الحالية وإخضاعها إلى نفوذها، مثل إيران ثم البرتغاليين، لم يستسلم شعب البحرين، بل قاوم كل القوى الطامعة، بالحرب تارة، وبالسياسة تارة أخرى.

هكذا كان الحال في البحرين إلى أن قيّض الله تعالى لها الحلف العتوبي بقيادة القائد الفذ العربي أحمد الفاتح عام 1783، وتم النصر له وجيشه بهزيمة آخر والٍ إيراني على البحرين وهو نصر بن مذكور الذي لجأ إلى بوشهر، في تلك الفترة، دخلت القوة الجديدة إلى الخليج العربي، المتمثلة في بريطانيا العظمى، وأبرمت البحرين مع بريطانيا معاهدة حماية، وهذه سياسة حكيمة، حيث إن البحرين كان ليس لها جيش بالمعنى الحديث، أضحت في مأمن من أي اعتداء وأخذت -أي البحرين- تبني نفسها من الداخل، وتضع أسس الدولة الحديثة.

وتبلورت الحداثة منذ الحاكم الشيخ على بن خليفة آل خليفة الذي اتخذ المنامة عاصمة لملكه -حكم من 1867 إلى 1869- ثم ابنه الحاكم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الذي نقل مقر الحكم إلى المحرق، وصولاً إلى عهد حمد بن عيسى آل خليفة، ثم سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، ثم الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي أنهى مطالبة إيران ثانية بالبحرين، وألغى المعاهدات مع بريطانيا، وأعلن الاستقلال عام 1971. رحمهم الله تعالى جميعاً رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته ومن عاصرهم وساندهم بكل إخلاص.

وبعد أن تولى مقاليد الحكم وريث العرش الشرعي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، ودام عزه منذ عام 1999، الذي سار على نهج آبائه وأجداده، بمساعدة ومساندة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ومؤازرة من شعب البحرين الوفي.

حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى أعاد الروح إلى الحياة النيابية من جديد، بمشروعه الإصلاحي الشامل، وأدخل تعديلات على الدستور ليتواءم مع العصر الحديث، ومن أجل أن يكون الحكم قائماً على العدالة والمساواة، أمر جلالته بكتابة ميثاق العمل الوطني، الذي هو واضح المعالم، وشارحاً أسس الحكم وركائزه الصلبة، والعلاقة بين الملك والشعب، فهو -أي الميثاق- عهد وعقد ووعد بالمشاركة الشعبية في إدارة البلاد، والمحافظة على المكتسبات التي استلمناها من الآباء والأجداد، وفي الاستفتاء، نال الميثاق من الأصوات ما نسبته 98.4% مما يعني بيعة جماعية.

وبعد هذا المسار الطويل من الكفاح والنضال والتحضّر والبناء، المكلل بالنجاحات في جميع المجالات، احتفلت المملكة بمرور 18 عاماً على إقرار الميثاق، وإطلاق اسم ميثاق من ذهب، تكريماً لقائد مسيرة الشباب، الذي حصدت المملكة بقيادته العديد من الميداليات ذات الألوان الذهبي والفضي والبرونزي، فإن افتخار مليكنا بالإنجازين، دليل على لما للشباب من دور مرموق في ضمير جلالته وضمير الشعب الوفي. وحق لنا أن نحتفل بهذا اليوم السعيد الذي جددنا فيه البيعة لجلالة الملك المفدى كما الأجداد.

وأقترح أن يطبع الميثاق والدستور، وتوزع نسخ منهما على كل أسرة، ليكونا لهم ولأبنائهم مرجعاً يرجعون إليه، فهل يتحقق هذا الاقتراح؟

عاشت مملكتنا حصينة منيعة بفضل من الله تعالى ثم بفضل حكيم الأمة، مليكنا المفدى، ورئيس وزرائنا الموقر، وولي عهدنا الأمين، وشعب البحرين الأبي.

* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي